المنبر الأصلي منه مما يلي الروضة وهو الذي كان بأعلاه رمانة المنبر النبوي قبل عمود هذا المنبر بأزيد من قيراط، وذلك على نحو ذراعين وشيء من طرف المنبر المذكور من القبلة.
وقد اشتهر محله من أحجار الدكة المذكورة بسبب تحريف المنبر المذكور بحيث تغيرت حدود الروضة الشريفة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[كسوة المنبر]
وفي يوم الجمعة يجعل على باب المنبر ستر من حرير أسود مرقوم بحرير أبيض وقد قدمنا أول من كسا المنبر.
وأسند ابن زبالة عن هشام بن عروة أن ابن الزبير كان يلبس منبر النبي صلّى الله عليه وسلّم القباطي فسرقت امرأة قبطية فقطعها، وقال ابن النجار: ولم يزل الخلفاء إلى يومنا هذا يرسلون في كل سنة ثوبا من الحرير الأسود له علم ذهب يكسى به المنبر، قال: ولما كثرت الكسوة عندهم أخذوها فجعلوها ستورا على أبواب الحرم.
[ستور الأبواب كسوة الحجارة]
قلت: قد استقر الأمر بعد قتل الخليفة المستعصم على حمل الكسوة من مصر كما قاله الزين المراغي قال: والأبواب مستقلة اليوم بستور، قال: وإنما يظهرونها في أوقات المهمات كقدوم أمير المدينة، وذكر ما سيأتي في كسوة الحجرة من وقف قرية بمصر على ذلك وعلى كسوة الكعبة الشريفة؛ فالكعبة تكسي كل عام مرة، والحجرة والمنبر في كل ست سنين مرة.
وقال المجد: والمنبر يحمل له في كل سبعة أعوام أو نحوها من الديار المصرية كسوة معظمة ملوكية يكساها من الجمعة إلى الجمعة، ورايتان سوداوان ينسجان أبدع نسج يرفعان أمام وجه الخطيب في جانبي المنبر قريبا من الباب.
قلت: في زماننا تمضي السبع سنين والعشر وأكثر من ذلك ولا تصل كسوة، والذي يجعل اليوم على المنبر إنما هو الستر المتقدم ذكره مع الرايتين اللتين ذكرهما المجد، والله أعلم.
[الفصل الخامس في فضائل المسجد الشريف]
قال الله تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة: ١٠٨] .
[المسجد الذي أسس على التقوى]
روينا في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيت لبعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال:
فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا، لمسجد المدينة.