للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقف الحجرة بعد الحريق إنما هو سقف المسجد، وهو خلاف ما وجدنا الأمر عليه أيضا، والله أعلم.

[الفصل الثالث والعشرون في عمارة اتفقت بالحجرة الشريفة على ما نقله الأقشهري عن ابن عاث، وما وقع من الدخول إليها عند الحاجة له وتأزيرها بالرخام]

قال الأقشهري، ومن خطة نقلت ما لفظه: أخبرنا الشيخ الراوية أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الشاطبي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله القضاعي الحافظ قال: حدثنا صاحبنا الرحال أبو عمر أحمد بن أبي محمد هارون بن عاث النفري قال: حدثت بالمدينة الشريفة، أو قال بمدينة السلام، بأنهم سمعوا منذ سنين قريبا من الأربعين هدة في الروضة الشريفة أي الحجرة فإنه يعبر عنها بذلك، فكتب في ذلك إلى الخليفة، فاستشار الفقهاء، فأفتوا أن يدخلها رجل فاضل من القومة على المسجد، فاختاروا لذلك بدرا الضعيف، وهو شيخ فاضل يقوم بالليل ويصوم النهار، وهو من فتيان بني العباس، فدلى حتى دخل الروضة أي الحجرة، فوجد الحائط الغربي قد سقط، وهو حائط دون الحائط الظاهر، فصنع له لبن من تراب المسجد، فبناه وأعاده على هيئته كما كان، ووجد هناك قعبا من خشب قد أصابه وقوع الحائط فكسره، فحمل إلى بغداد مع شيء من تراب الحائط، وكان يوم وصول ذلك بغداد يوما مشهودا تجمع لاستقباله الناس، وازدحموا على رؤيته، وعطلت الصناعات والبيع، وكانت رحلة ابن عاث سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقد قال «قريبا من أربعين سنة» فيكون ذلك سنة سبعين وخمسمائة أو ما دون ذلك، وهكذا ذكره في رحلته ومنها نقلته، ويكون ذلك في دولة المستضيء بالله بن المستنجد بالله، انتهى كلام الأقشهري.

ولعل هذا الحائط المنهدم في هذه العمارة إنما هو الشرقي من الجدار الداخل، وأطلق عليه اسم الغربي بالنظر إلى الجدار الخارج الذي يليه، فتكون هذه الواقعة هي التي اتفق فيها بناء الجدار المتقدم وصفه، ووقع فيها تقديمه عن محله الأول، وأبقوا رأسه كما تقدمت الإشارة إليه، وهو إنما بنى بالحجر، ولا يتأتى هناك بناء باللبن إلا في السترة التي جعلت على رأس الجدار، فلعله أراد باللبن المتخذ من تراب المسجد هذا، لكن في كلام ابن النجار ونقله من بعده وأقره، ما يقتضي أنه لم يقع دخول إلى الحجرة الشريفة من سنة أربع وخمسين وخمسمائة إلى زمانه، وقد توفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة، فإنه قال في كتابه «الدرة الثمينة» ما لفظه: واعلم أن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة سمعوا صوت هدة في الحجرة، وكان الأمير قاسم بن مهني الحسيني، فأخبروه بالحال، فقال: ينبغي أن ينزل شخص إلى هناك ليبصر ما هذه الهدة، فافتكروا في شخص يصلح لذلك، فلم يجدوا لذلك إلا عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>