منفذا. ثم وجه دار التمارين، وكانت لمعاوية بن أبي سفيان، وقبله لسعيد بن عبد الرحمن بن يربوع.
فلما بلغ ابن هشام بالدار التمارين وقف، وجعل لها هنالك بابا عظيما يقابل المصلى.
وقال ابن شبة عقب قوله فيما تقدم «وجعل على الزوراء خاتم البلاط» ما لفظه: ثم مد الجدار حتى جاء به على طيقان دار القطران الآخرى الغربي، حتى جاء بها إلى دار ابن سباع بالمصلى التي هي اليوم لخالصة، فوضع ثم بابا أي بالمصلى.
قال: ثم بنى ذلك بيوتا؛ فجعل فيه الأسواق كلها، فكان الذي ولى ابن هشام أي على بنائها سعد بن عبد الرحمن الزرقي من الأنصار، فتم بناؤها إلا شيئا من بابها الذي بالمصلى.
ونقلت أبوابها إليها معمولة من الشام، وأكثرها من البلقاء، انتتهى.
وقال ابن زبالة عقب كلامه السابق: وفعل ذلك في بقيع الزبير، وضرب عليه طاقات، وأكراها، وسد بها وجوه دورهم، وجعل للسكك منفذا يغلق.
قلت: ومراده أنه جعل في فضاء بقيع الزبير دارا كدار السوق، ولا يتوهم من ذلك أن بقيع الزبير من جملة السوق؛ لما سيأتي في ترجمته.
قال ابن زبالة: وجعل لدار السوق حوانيت في أسفلها، وعلالي تكرى للسكن، وحملت أبوابها من البلقاء، فمنها بقية بالمدينة مكتوب فيها البلقاء.
[هدم الدار التي وضعت مكان السوق]
قال: فبينا الناس لا يدرون بموت هشام إلى أن جاء ابن المكرم الثقفي من الشام بريدا بموته رسولا للوليد بن يزيد، ويبشرهم بالعطاء، فصاح حين دخل الثنية: ألا إن هشاما الأحول قد مات، فوثب الناس على الدار فهدموها، وعلى عين السوق فقطعوها.
وعبارة ابن شبة: فلم تزل- أي تلك الدار- على ذلك حياة هشام بن عبد الملك، وفيها التجار، فيؤخذ منهم الكراء، حتى توفي هشام، فقدم بوفاته ابن مكرم الثقفي، فلما أشرف على رأس ثنية الوداع صاح: مات الأحول، واستخلف أمير المؤمنين الوليد بن يزيد، فلما دخل دار هشام تلك صاح به الناس: ما تقول في الدار؟ قال: اهدموها، فوقع الناس فهدموها، وانتهبت أبوابها وخشبها وجريدها، فلم يمض ثالثة حتى وضعت إلى الأرض.
فقال أبو معروف أحد بني عمرو بن تميم:
ما كان في هدم دار السوق إذ هدمت ... سوق المدينة من ظلم ولا حيف
قام الرجال عليها يضربون معا ... ضربا يفرق بين السور والتحف
ينحطّ منها ويهوي من مناكبها ... صخر تقلب في الأسواق كالخلف
وذكر ابن زبالة هذه الأبيات عن أبي معروف، إلا أنه زاد قبلها ثلاثة أخرى فقال:
وقال أبو معروف: