وقال الأسدي، في وصف ما بين مسجد عائشة رضي الله تعالى عنها ومكة: فج بعد مسجد عائشة رضي الله تعالى عنها بنحو ميلين، وعقبة المذنبين بعد فج بميل يسرة عن الطريق، وطريق ذي طوى إلى المسجد نحوا من نصف ميل، وقال في موضع آخر: يستحب الصلاة بمسجد ذي طوى، وهو بين مسجد ثنية المذنبين المشرفة على مقابر مكة وبين الثنية التي تهبط على الحصحاص، وذلك المسجد ثنية زبيدة، انتهى.
[الفصل الرابع في بقية المساجد التي بين مكة والمدينة]
بطريق الحاج في زماننا، وبطريق المشبان، وما قرب من ذلك، وما حل صلى الله عليه وسلم به من المواضع، وإن لم يبن مسجدّا
دبّة المستعجلة
فمنها: موضع بدبّة المستعجلة- بفتح الدال المهملة وتشديد الموحدة- وهو الكثيب من الرمل.
روى ابن زبالة عن محمد بن فضالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بالدّبّة دبة المستعجلة من المضيق، واستقى له من بئر الشعبة الصابّة أسفل من الدبة، فهو لا يفارقها أبدا
قال المطري: والمستعجلة هي المضيق الذي يصعد إليه الحاج إذا قطع النازية وهو متوجه إلى الصفراء، يعني من أعلى فركان خيف بني سالم.
[شعب سير]
قال: وذكر ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بشعب سير وهو الشعب الذي بين المستعجلة والصفراء- وقسم به غنائم أهل بدر، ولا يزال فيه الماء غالبا، انتهى.
قلت: الذي قاله ابن إسحاق كما في تهذيب ابن هشام: ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر حتى إذا خرج من مضيق الصفراء نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية يقال له سير إلى سرحة، وقسم هناك النّفل.
قلت: وهو صريح في أن سير بعد مضيق الصفراء للجائي من بدر، وبعده النازية، فإن كانت المستعجلة هي مضيق الصفراء فهو يقتضي أن سير بينها وبين النازية، فهو مخالف لما ذكره المطري من أنه بين المستعجلة والصفراء، فليحمل مضيق الصفراء على غير المضيق الذي هو المستعجلة، ويكون مضيق الصفراء هنا من ناحية أسفل الخيف؛ لأن الذي ذكره المطري في شعب سير هو المعروف اليوم، ولأني رأيت في أوراق لم أعرف مؤلفها أن شعب سير هو النزلة التي كانت للحاج إذا رجع عن المستعجلة ونزل في فركان الخيف.
قال: وهناك بركة قديمة، وهو الشعب بين جبلين يعرف بجبال المضيق علو الصفراء، وبينه وبين المستعجلة نحو نصف فرسخ، انتهى. والبركة والموضع معروفان كما وصف،