وقال ابن زبالة: إن سيول قناة إذا استجمعت تأتي من الطائف، قالوا: ومحول أودية العرب قناة وإضم، أي اللاتي في مجتمع السيول ووادي نخلة، وإنما سميت محولا لبعد صدورها وكثرة دوافعها، ويأتي وادي قناة من المشرق حتى يصل السد الذي أحدثته نار الحجاز المتقدم ذكرها آخر الباب الثاني، وتقدم هناك أن هذا الوادي كان قد انقطع بسبب ذلك، وانحبس السيل حتى صار بحرا مدّ البصر عرضا وطولا، كأنه نيل مصر عند زيادته، قال المطرطي: شاهدته كذلك سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وتقدم أنه انخرق من تحته سنة تسعين وستمائة، فجرى الوادي سنة، فملأ ما بين الجانبين، وسنة أخرى دون ذلك، ثم انخرق بعد السبعمائة فجرى سنة أو أزيد، ثم انخرق سنة أربع وثلاثين وسبعمائة بعد تواتر الأمطار فكثر الماء وجاء سيل لا يوصف كثرة، ومجراه على مشهد سيدنا حمزة، وحفر واديا آخر قبلى الوادي والمشهد. وقبلى حبل عينين في وسط السيل، ومكثا نحو أربعة أشهر لا يقدر أحد على الوصول إليهما إلا بمشقة، ولو زاد مقدار ذراع في الارتفاع وصل إلى المدينة، ثم استقر في الواديين القبلي والشمالي قريبا من سنة، وكشف عن عين قديمة قبلى الوادي جدّدها الأمير ودي، وهذا الوادي هو المراد بقوله في حديث الاستنشاق من رواية الصحيح «وسال وادي قناة شهرا» وينتهي سيل قناة إلى مجتمع السيول ترعا أيضا.
[وادي مذينب]
ومنها: وادي مذينب، ويقال: مذينيب- قال ابن زبالة عن غير واحد من الأنصار:
مذينب شعبة من سيل بطحان، يأتي مذينب إلى الروضة روضة بني أمية، ثم ينشعب من الروضة نحوا من خمسة عشر جزآ في أموال بني أمية، ثم يخرج من أموالهم حتى يدخل بطحان وصدير، مذينب وبطحان يأتيان من الحلابين حلابي صعب على سبعة أميال من المدينة أو نحو ذلك، ومصبهما في زغابة حيث تلتقي السيول، اه.
وقوله «من سيل بطحان» يعني من أصله من الحلابين كما بينه أخيرا، وسبق بيان منازل بني أمية وأن من أموالهم بئر العهن.
وسيأتي عن ابن شبة ما ظاهره المخالفة لهذا، حيث قال في مهزور: حتى حلاة بني قريظة، ثم يسلك منه شعيب فيأخذ على بني أمية بن زيد بين البيوت في واد يقال له مذينب، ثم يلتقي هو وسيل بني قريظة بالمشارف فضاء بني خطمة، ثم يجتمع الواديان مهزور ومذينب، فمقتضاه أن مذينب من أصل مهزور، ولهذا قال المجد: قال أحمد بن جابر: ومن مهزور إلى مذينب شعبة تصبّ فيه.
قلت: لكن أعلى صدر سيل بطحان ومذينب ومهزور من حرة واحدة، فيصح تشعب مذينب من كل منهما.