ثم إن التضعيف المذكور يرجع إلى الثواب بتلك الأعداد، لا إلى الإجزاء، باتفاق العلماء كما نقله النووي وغيره؛ فلو كانت صلوات فصلى في أحد المسجدين صلاة لم تجزه إلا عن واحدة، وقد أوهم كلام أبي بكر النقاش في تفسيره خلاف ذلك؛ فإنه قال: حسبت الصلاة في المسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمسة وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، اه. وهذا مع قطع النظر عن التضعيف بالجماعة والسواك ونحوه، لكن هل تجمع التضعيفات أولا؟ محل بحث.
[هل يختص التضعيف بالصلاة؟]
قلت: وينبغي ألايختص هذا التضعيف بالصلاة، بل سائر أنواع الطاعات كذلك قياسا على ما ثبت في الصلاة، كما صرحوا به في مسجد مكة المشرفة، وصرح به فيما يتعلق بالمدينة صاحب الانتصار أبو سليمان داود من المالكية، ثم رأيته في كلام الغزالي في الإحياء كما قدمناه في فضل الخصائص، ويشهد له ما في الكبير للطبراني عن بلال بن الحارث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان، وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعة فيما سواها من البلدان» ونقل المجد عن أبي الفرج الأموي أنه أخرجه بسنده عن ابن عمر.
قلت: ورواه ابن الجوزي في شرف المصطفى عن ابن عمر أيضا بلفظ: «صيام شهر رمضان بالمدينة كصيام ألف شهر فيما سواها، وصلاة الجمعة بالمدينة كألف صلاة فيما سواها» .
وروى البيهقي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، والجمعة في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وشهر رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان فيما سواه إلا المسجد الحرام» ورواه أيضا عن ابن عمر بنحوه.
وهذه الأحاديث وإن كانت ضعيفة فإذا ضمت إلى ما قدمناه من القياس على الصلاة ثم الاستدلال، وقد قدمنا في حدود مسجده صلّى الله عليه وسلّم الخلاف المذكور في المراد بقوله صلّى الله عليه وسلّم:«صلاة في مسجدي هذا» ، وترجيح أن ذلك يتناول ما زيد فيه.
وروى أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات عن أنس بن مالك حديث: «من صلى