المذكور تسع عشرة ذراعا بتقديم التاء، وأما ذرع ما بين المصلى الشريف والأسطوانة التي يعنيها البدر فخمس وعشرون ذراعا، فلا يصح إرادتها بوجه.
وأسند ابن زبالة ويحيى في بيان معتكف النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان إذا اعتكف طرح له فراشه ووضع له سرير وراء أسطوانة التوبة» .
وروى ابن ماجه عن نافع أن ابن عمر أراه المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم روى عن نافع عن ابن عمر أنه صلّى الله عليه وسلّم «كان إذا اعتكف طرح له فراشه ووضع له سرير وراء أسطوانة التوبة» . قال البدر بن فرحون: ونقل الطبراني في معجمه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن ذلك مما يلي القبلة «يستند إليها» .
قلت: ورواه البيهقي بسند حسن، ولفظه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «كان إذا اعتكف يطرح له فراشه أو سريره إلى أسطوانة التوبة مما يلي القبلة يستند إليها» ونقل عياض عن ابن المنذر أن مالك بن أنس كان له موضع في المسجد، قال: وهو مكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو المكان الذي كان يوضع فيه فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا اعتكف، كذا قال الأويسي.
[أسطوان السرير]
ومنها: أسطوان السرير، أسند ابن زبالة ويحيى في بيان معتكف النبي صلّى الله عليه وسلّم عقب ذكر ما تقدم من وضع فراشه وسريره وراء أسطوان التوبة عن محمد بن أيوب أنه «كان للنبي صلّى الله عليه وسلّم سرير من جريد فيه سعفه «١» يوضع بين الأسطوان التي تجاه القبر وبين القناديل، كان يضطجع عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» .
قلت: وهذه الأسطوانة هي اللاصقة بالشباك اليوم في شرقي أسطوان التوبة وابن فرحون يجعلها إليها كما تقدم، ويؤيده ما تقدم في أسطوان التوبة من أن سريره صلّى الله عليه وسلّم كان يوضع إليها، إلا أن يجاب بأنه كان يوضع مرة عند هذه ومرة عند تلك، بدليل أنه تقدم في أسطوان التوبة أن وضع ذلك كان مما يلي القبلة يستند إليها، وذكر في هذه أنه «كان يوضع بينها وبين القناديل» وذلك في جهة شرقيها.
وقال البدر بن فرحون: روينا بالسند الصحيح إلى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان إذا اعتكف يطرح له وسادة، ويوضع له سرير من جريد فيه سعفه، يوضع له فيما بين الأسطوان التي وجاه القبر الشريف وبين القناديل، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضطجع عليه»
(١) الجريدة: سعفة طويلة تقشّر من خوصها، والسعفة: جريد النخل وورقه، وورق النخل اليابس.