للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المركن، وأما أنا فلم أره، ولم أعلم أحدا يدري من أخذه، ولم أر للبيت الذي في الحظار بابا ولا موضع بابه، وقد أخبرني ابن أبي فديك أنه رأى باب بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم مما يلي الشام، انتهى. وقد حكى الأقشهري عن أبي غسان أيضا نحو ذلك.

قلت: ولم نر للبيت عند انكشافه في العمارة التي أدركناها بابا ولا موضع باب، ولم يوجد في الفضاء الذي يلي الشام من الحظار المذكور مركن ولا غيره مما ذكر، وسيأتي في الفصل الثالث والعشرين أن ابن عاث ذكر أنهم وجدوا عند عمارة حائط سقط بالحجرة قعبا انكسر عند سقوط الحائط، وأنه حمل إلى بغداد، فإن صح فلعله المراد، وفيما قدمناه إشعار بأن موضع القبور الشريفة كان مسقفا تحت سقف المسجد كما سيأتي التصريح به، ولهذا لما انكشف سقف المسجد رأوا ما بين الحظار الظاهر والحجرة، ولم يروا جوف الحجرة، ويدل له ما سيأتي عن أبي الجزاء قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا، فشكوا إلى عائشة، فقالت:

فانظروا قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، ففعلوا، فمطروا، الخبر الآتي، لكن سيأتي في الفصل الرابع والعشرين عن ابن رشد أنه قال في بيانه: إن الثقة أخبرني أنه لا سقف له في زمنه تحت سقف المسجد، وكنت أظن أن ذلك بعد حريق المسجد، فإن كلام المؤرخين الآتي متطابق على أنه لا سقف للحجرة بعد الحريق إلا سقف المسجد، ثم تبين أن زمن ابن رشد كان قبل الحريق بمدة مديدة؛ لأن وفاته سنة عشرين وخمسمائة، ثم اطلعنا في العمارة التي أدركناها على وجود سقف جعل بعد الحريق وعلى آثار السقف الذي كان قبله كما سيأتي بيانه، والله أعلم.

[الفصل الحادي والعشرون فيما روي من الاختلاف في صفة القبور الشريفة، بالحجرة المنيفة]

وما جاء من أنه بقي بها موضع قبر، وأن عيسى بن مريم عليه السلام يدفن بها، وما جاء في تنزل الملائكة حافين بالقبر الشريف، وتعظيمه والاستسقاء به.

اعلم أن ابن عساكر ذكر في تحفته الاختلاف في صفة القبور الشريفة، فذكر في ذلك سبع روايات، وسبقه إلى ذلك شيخه ابن النجار، لكنه ذكر ستا فقط.

[رواية نافع في وضع القبور]

الأولى: ما رواه عن نافع بن أبي نعيم أن صفة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبر أبي بكر وقبر عمر، قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أمامها إلى القبلة مقدما، ثم قبر أبي بكر حذاء منكبي «١» رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقبر عمر حذاء منكبي أبي بكر، وهذه صفته:


(١) المنكب: مجتمع رأس العضد والكتف.

<<  <  ج: ص:  >  >>