رضي الله عنها في موازاة الصف المتقدم ذكره من المشرق إلى المغرب، وعلى ما يوازي الصف الثالث وهو صف أسطوان المحرس من المشرق إلى المغرب أيضا، وأما ما يوازي صف أسطوان الوفود فقد كان عليه بناء حائط حاجز لما بين السقف الأسفل والأعلى فيه باب يدخل منه إلى ما بين السقفين، فهدموا ذلك الحائط، وأحكموا بناءه، وجعلوا أطراف الخشب عليه أيضا، فهذه الثلاثة الأروقة هي التي ارتفع سقفها الأعلى على ما حوله من الأساطين اللاصقة بالمقصورة إلى الأساطين التي تلي المنبر وصار سقف الرواقين اللذين بين الروضة والجدار القبلي مع سقف ما يحاذي الحجرة الشريفة إلى الجدار الشرقي وسقف ما كان غربي المنبر من مقدم المسجد كله منخفض عن ذلك.
ووجدوا أخشابا كثيرة متفرقة نحو الأربعين من السقف الأعلى أيضا قد تكسرت، فزرقوا بدلها، ووضعوا إلى جانب بعضها أخشابا مزرقة، وسمروها من غير كشف للسقف، وقلعوا السقف الأسفل الذي بالرواق الشرقي مما يلي الأرجل الشريفة، وجانبا من سقف رواق باب جبريل إلى باب النساء، وسقف الرواق الأوسط الذي يلي الرواق الذي سبقت عمارتهم إياه في العام الماضي، وأعادوا ذلك، وقلعوا السقف الأسفل المحاذي لموقف الزائرين تجاه الوجه الشريف وكان من أقدم السقف، ومع ذلك تعبوا في قلعه أكثر من غيره لإتقانه وإحكامه فإنه من عمل الأقدمين، وأظنهم وجدوا اسم الظاهر بيبرس عليه، ثم أعادوه وأصلحوا شيئا في المسقف الشامي وغيره، وجددوا أيضا دهان بعض السقف التي حول الحجرة داخل المقصورة التي تعرف اليوم بالحجرة من غير قلع لتلك السقف. ثم احترق ذلك كله في جملة حريق المسجد الثاني الآتي ذكره في الفصل التاسع والعشرين، وجعلوا سقف المسجد عند إعادته سقفا واحدا جميعه كما سيأتي.
[الفصل السابع والعشرون في اتخاذ القبة الزرقاء التي جعلت على ما يحاذي سقف الحجرة الشريفة بأعلى سقف المسجد، تمييزا لها، وإبدالها بالقبة الخضراء والمقصورة الدائرة بالحجرة الشريفة]
[القبة الزرقاء]
أما القبة المذكورة فاعلم أنه لم يكن قبل حريق المسجد الشريف الأول وما بعده على الحجرة الشريفة قبة، بل كان حول ما يوازي حجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم في سطح المسجد حظير مقدار نصف قامة مبنيا بالآجر تمييزا للحجرة الشريفة عن بقية سطح المسجد، كما ذكره ابن النجار وغيره، واتمر ذلك إلى سنة ثمان وسبعين وستمائة في أيام الملك المنصور قلاوون الصالحى، فعملت تلك القبة، وهي مربعة من أسفلها مثمنة من أعلاها بأخشاب أقيمت على رؤوس