صلى الله عليه وسلم، وكان قد استوهب من عائشة رضي الله تعالى عنها موضع قبر فوهبت له، فأبوا، فدفن في مقبرة كان قد اشتراها فزادها في المقبرة، فكان أول من دفن فيها.
وقيل: إن عمرو بن عثمان صلّى عليه يومئذ.
وروى ابن زبالة عن ابن شهاب وغيره أن عثمان منع من البقيع، فدفن في حش كوكب، وكان عثمان بن مظعون أول من دفن بالبقيع، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل مهراس علامة على قبره ليدفن الناس حوله، وقال: لأجعلنّك للمتقين إماما، فلما استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة في ملكه أدخل الحش في البقيع، وحمل المهراس فجعله على قبر عثمان، وقال: عثمان وعثمان، فدفن الناس حول عثمان رضي الله تعالى عنه.
[قبر سعد بن معاذ الأشهلي رضي الله تعالى عنه]
نقل ابن شبة عن عبد العزيز أنه أصيب يوم الخندق، فدعا فحبس الله عنه الدم، حتى حكم في بني قريظة، ثم انفجر كله؛ فمات في منزله في بني عبد الأشهل، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه في طرف الزقاق الذي بلزق دار المقداد بن الأسود، وهو المقداد بن عمرو، وإنما تبنّاه الأسود بن عبد يغوث الزهري، وهي الدار التي يقال لها دار ابن أفلح في أقصى البقيع عليها جنبذة، انتهى. وهذا الوصف صادق بالمشهد المنسوب لفاطمة بنت أسد؛ لكونه بطرف زقاق في أقصى البقيع: وفي شرقيه ناحية بني ظفر وبني عبد الأشهل، فلعله قبره، ولكن وقع الاشتباه في نسبته لفاطمة رضي الله تعالى عنها لما قدمناه في قبرها، والله أعلم.
[قبر أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه]
وروى ابن شبة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال: قال لي أبي: يا بني، إني قد كبرت، وذهب أصحابي وحان مني، فخذ بيدي، فأخذت بيده حتى جئت إلى البقيع، فجئت أقصى البقيع مكانا لا يدفن فيه، فقال: يا بني، إذا هلكت فاحفر لي هاهنا، لا تبك عليّ باكية، ولا يضر بن عليّ فسطاط، ولا يمشي معي بنار، ولا تؤذنن أحدا، واسلك بي زقاق عمقة، وليكن مشيك بي خببا، وفي رواية ثم اتكأ علي فأتى البقيع حيث لا يدفن أحد، فقال: إذا مت فادفني هاهنا، واسلك بي زقاق عمقه، وزاد: ولا تبك عليّ نائحة، وامشوا بي الخبب، ولا تؤذنوا بي أحدا، قال: فيأتيني الناس متى يخرج، فأكره أن أخبرهم لما قال لي، فأخرجته في صدر النهار، فأتيت البقيع وقد ملئ ناسا.
[بيان المشاهد المعروفة اليوم بالبقيع وغيره من المدينة الشريفة]
أعلم أن أكثر الصحابة رضي الله عنهم- كما قال المطري- ممن توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته مدفنون بالبقيع، وكذلك سادات أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وسادات التابعين.