تبع ابن النجار في ذلك غيره إن لم يكن شاهده، فهذا البشاري يقول: ومنها مسجد الضّرار يتطوّع العوام بهدمه، وتبعه ياقوت في معجمه، وابن جبير في رحلته، انتهى.
وقال ابن النجار أيضا، في ذكر المساجد المعروفة في زمنه ما لفظه: واعلم أن بالمدينة مساجد خرابا فيها المحاريب وبقايا الأساطين وتنقض وتؤخذ حجارتها: منها مسجد بقباء قريب من مسجد الضّرار فيه أسطوان قائمة.
قلت: وهذا غير معروف اليوم، وهو صريح في اشتهار مسجد الضرار في زمنه بقباء حتى عرف به المسجد المذكور.
ووقع في كلام عياض في المشارق، وتبعه المجد، ما يقتضي أن مسجد الضّرار بذي أوان؛ فإنه قال في ذروان: إن روايته بلفظ ذي أوان وهم. قال: وهو موضع خر على ساعة من المدينة، هو الذي بنى فيه مسجد الضرار، هذا لفظه.
ولعل مراده هو الذي وقع ذكر بنائه به في حديث مسجد الضرار؛ لما قدمناه من أن أصحابه جاؤوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بذي أوان، وأخبروه ببنائه، والله أعلم.
[الفصل الثالث في بقية المساجد المعلومة العين في زماننا بالمدينة الشريفة وما حولها]
اعلم أن الاعتناء بهذا الغرض متعين؛ فقد قال البغوي من الشافعية: المساجد التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها لو نذر أحد الصلاة في شيء منها تعين كما تتعين المساجد الثلاثة، واعتناء السلف بتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم معلوم- سيما ما جاء في ذلك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما- وقد استفرغنا الوسع في تتبعها.
فمنها: مسجد الجمعة، ويقال «مسجد الوادي» قد تقدم في الفصل الحادي عشر من الباب الثالث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من قباء مقدمه المدينة أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في بطن الوادي، وادي ذي صلب- بضم أوله- وأن ابن إسحاق قال: إن الجمعة أدركته في وادي رانونا، يعني ببني سالم، وكانت أول جمعة صلاها بالمدينة، وفي رواية لابن زبالة «فمر على بني سالم فصلى فيهم الجمعة في القبيب ببني سالم، وهو المسجد الذي في بطني الوادي» وفي رواية له «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول جمعة بالناس في القبيب» ببني سالم فهو المسجد الذي بناه عبد الصمد» .
والمراد أن موضع المسجد يسمى بالقبيب، وسيأتي في أودية المدينة أن سيل ذي صلب وسيل رانونا يصلان إلى موضع مسجد الجمعة، فلا مخالفة بين هذه العبارات، وإن غلب اشتهار اسم رانونا على ذلك الموضع دون بقية الأسماء.
وروى ابن شبة عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «جّمع في أول