بالباء- ولم يكن ذلك الوقت كثرت فيه القبور، انتهى، ولم يذكر أحد من مؤرخي المدينة أنه كان ببقيع الغرقد سوق، مع اعتنائهم بذكر أسواق المدينة في الجاهلية والإسلام؛ فالمعتمد ما قدمناه، والمسمى بالبقيع هنا ما يلي المصلى من سوق المدينة، ويسمى بقيع المصلى أيضا كما سيأتي، ولهذا روى أحمد والطبراني عن أبي بردة بن نيار قال: انطلقنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى بقيع المصلى فأدخل يده في طعام ثم أخرجها فإذا هو مغشوش، أو مختلف، فقال: ليس منا من غشنا، ورواه الطبراني أيضا عن أبي موسى قال: انطلقت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى سوق البقيع، فأدخل يده في غرارة، فأخرج طعاما- الحديث، فعبر عن بقيع المصلى بسوق البقيع.
وروى ابن زبالة أيضا في ذكر سوق المدينة عن محمد بن طلحة قال: رأيت عثمان بن عبد الرحمن وإسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد ومحمد بن المنكدر، وزيد بن حصفة يقومون بفناء بركة السوق اليوم قبل أن تكون، يقومون مستقبلين فسألت عثمان بن عبد الرحمن عن ذلك، فقال: قد اختلف علينا في ذلك؛ فقائل يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو هنالك، وقائل يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول هنالك فينظر الناس، إذا انصرفوا من العيد، قال: وكان عامر بن عبد الله بن الزبير يقف عند التبانين فيدعو، وسيأتي في ذكر المصلى ما رواه الشافعي في الأم من طريق عبد الرحمن التيمي عن أبيه عن جده أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم رجع من المصلى يوم عيد فسلك على التمارين من أسفل السوق، حتى إذا كان عند مسجد المصلى الذي هو عند موضع الدار التي بالسوق قام فاستقبل فجّ أسلم فدعا ثم انصرف.
[بركة السوق]
قلت: وهذا بين أن بركة السوق في شامي فج أسلم، وسيأتي في منازل أسلم ما يبين أن منازلهم في شامي الثنية التي عليها حصن أمير المدينة اليوم، وتقدم في ذكر دار السوق حيث قال فيها في جهة المغرب: وجعل لسكة أسلم بابا ما يبين ذلك، وحينئذ فبركة السوق هي المنهل الذي ينزل إليه بالدرج عند مشهد النفس الزكية من عين المدينة على يسار المار إلى ثنية الوداع، وفي كلام ابن زبالة ما يومئ أن الذي أحدث العين هناك إنما هو إبراهيم بن هشام، وسيأتي في ترجمة أحجار الزيت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استسقى عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء، والله أعلم.
وروى ابن شبة عن أبي هريرة أنه كان يقول: لا يذهب الليل والنهار حتى يخسف برجل بصحن هذا السوق، قال ابن أبي فديك: وكنت أسمع من المشايخ أنه قال والله أعلم: إن ذلك يكون على باب بيت البرادين، ويقال: هو بفناء دار ابن مسعود.
وعن عبد الرحمن بن الحارث بن عبيد عن جده قال: خرجت مع أبي هريرة حتى إذا