يقتدي به في الخير فيصنع مثل ما صنعه، ونسأل الله تعالى أن يفسح في أجله، فقلّ أن يأتي بعده مثله.
الفصل الرابع والثلاثون فيما كان مطيفا بالمسجد الشريف من الدور، وما كان من خبرها، وجلّ ذلك من منازل المهاجرين رضي الله تعالى عنهم
[رسول الله يخط دور المدينة]
روى ابن سعد في طبقاته عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطّ الدور بالمدينة، فخط لبني زهرة في ناحية مؤخر المسجد، فكان لعبد الرحمن بن عوف الحش، والحش: نخل صغار لا يسقى.
وعنه أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خط الدور؛ فخط لبني زهرة في ناحية مؤخر المسجد؛ فجعل لعبد الله وعتبة ابني مسعود هذه الخطة عند المسجد.
وقال ياقوت: لما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مهاجرا إلى المدينة أقطع الناس الدور والرّباع؛ فخط لنبي زهرة في ناحية من مؤخر المسجد، وكان لعبد الرحمن بن عوف الحش المعروف به، وجعل لعبد الله وعتبة ابني مسعود الهذليّين الخطة المشهورة بهم عند المسجد، وأقطع الزبير ابن العوام بقيعا واسعا، وجعل لطلحة بن عبيد الله موضع دوره، ولأبي بكر الصديق موضع داره عند المسجد، وأقطع كل واحد من عثمان بن عفان وخالد بن الوليد والمقداد وغيرهم مواضع درهم، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقطع أصحابه هذه القطائع، فما كان في عفائن الأرض فإنه أقطعهم إياه، وما كان من الخطط المسكونة العامرة فإن الأنصار وهبوه له فكان يقطع من ذلك ما شاء، وكان أول من وهب له خططه ومنازله حارثة بن النعمان وهب له ذلك وأقطعه صلّى الله عليه وسلّم، انتهى.
[دار آل عمر بن الخطاب]
فأول الدور الشوارع حول المسجد من القبلة دار عبد الله بن عمر بن الخطاب التي فيها الخوخة المتقدم وصفها، وليست الدار المذكورة اليوم بيد أحد من آل عمر كما قدمناه، وقدمنا أن موضع هذه الدار كان مربدا أعطيته حفصة رضي الله تعالى عنها بدل حجرتها لما احتيج إلى إدخالها في المسجد، وفي رواية أن آل عمر أعطوا بدلها دار الرقيق وما بقي منها.
وقال ابن غسان، فيما نقله ابن شبة: وأخبرني مخبر أن تلك الدار- يعني دار آل عمر- كانت مربدا يتوضأ فيه أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلما توفي استخلصته حفصة رضي الله عنها