عمر، وهو البيت الذي على يمينك إذا دخلت دار عبد الله من الخوخة التي في المسجد، فتلقاك هناك خوخة في جوف الخوخة التي هي الطريق المبوب، فتلك الخوخة خوخة أبي بكر، قال: وكانت حفصة ابتاعت ذلك المسكن من أبي بكر، والدار الذي ذكرت فوق هذه الشارعة على باب دار عبد الله إلى جنب دار هشام، فباع أبو بكر رضي الله عنه ذلك المسكن وتلك الدار من حفصة بأربعة آلاف درهم، ونقدها عنها عثمان بن عفان، وإنما باع ذلك أبو بكر لناس قدموا عليه من بني تميم فسألوه.
ثم قال ابن شبة: حدثنا محمد بن يحيى عن عبد الله بن عمر بن حفص قال: سمعت أبي يقول: لما احتيج إلى بيت حفصة قالت: وكيف طريقي في المسجد؟ فقيل لها: نعطيك أوسع من بيتك ونجعل لك طريقا مثل طريقك، فأعطاها دار عبد الله بن عمر، وكانت مربدا، انتهى. والذي يقتضيه قوله «وأخبرني مخبر» تضعيف هذه الرواية.
وقد روى في ذكر دور بني تيم كما قدمناه أن دار أبي بكر المذكورة كانت شارعة في دار القضاء في غربي المسجد، وقد صدّر كلامه بأن أصل دار حفصة إنما هو المربد، وختم كلامه بذلك. وقوله «لما احتيج إلى بيت حفصة» المراد به سكنها، هو الذي كان شارعا في المسجد في زمنه صلّى الله عليه وسلّم كما سيأتي بيانه، والله أعلم.
وتقدم في زيادة عمر رضي الله عنه ما رواه يحيى من أن عثمان رضي الله عنه شرى دار العباس فزادها في المسجد إلا ثلاثة عشر ذراعا أو أربعة عشر ذراعا، فقال الراوي: لا أدري أكان ابتاع البقية أم لا، وحملناه على أن المراد بدار العباس ما بقي منها بعد ما زاده عثمان رضي الله عنه، والظاهر أن تلك البقية هي التي دخلت في دار مروان. وقد ذكر ابن زبالة ويحيى وابن النجار اتخاذ مروان لداره عقب ذكر زيادة عثمان رضي الله عنه؛ فيحتمل أنه اتخذها في حال زيادة عثمان رضي الله عنه أو بعده، وهو الظاهر؛ لأنهم ذكروا أنه اتخذ لها خوخة في المسجد من جهة القبلة، ثم قال: أخشى أن أمنعها، فجعل لها بابا عن يمينك حين تدخل، ثم جعل الباب الثالث الذي على باب المسجد، كما سيأتي، والله أعلم.
[الفصل الخامس عشر في المقصورة التي اتخذها عثمان رضي الله عنه في المسجد وما كان من أمرها بعده]
روى ابن زبالة وابن شبة عن عبد الرحمن بن سعد عن أشياخه أن أول من عمل المقصورة بلبن عثمان بن عفان، وأنه كانت فيه كوى ينظر الناس منها إلى الإمام، وأن عمر بن عبد العزيز هو الذي جعلها من ساج حين بنى المسجد.
وروى الأول أيضا عن عيسى بن محمد بن السائب ومحمد بن عمرو بن مسلم بن