المسجد، وأيضا فما سيأتي في وصف الأبواب التي في جهة الشام وما يليها من جهة المشرق والمغرب لا يتصور أن يكون في زمن الوليد؛ لما تقدم من أن المهدي هو الذي زاد ذلك، والمطري موافق عليه، فكيف يذكر وصف تلك الأبواب فيما نسبه للوليد، وسيأتي أيضا أن أحد هذه الأبواب- وهو باب زياد- إنما فتحه زياد في ولاية أبي العباس المنصور.
والحاصل من كلام من كان قبل المطري من المؤرخين أن الذي استقر عليه أمر المسجد بعد انتهاء زياداته كانت شارعة في رحبة دار القضاء ولا ينافي ذلك قول ابن زبالة. وفي المسجد- يعني في زمنه- أربعة وعشرون بابا لأنه قال في تفصيلها: منها ثمانية من ناحية المشرق، ومما يلي القبلة: باب يدخل منه الأمراء من ناحية باب مروان إلى المقصورة، وعن يسار القبلة الباب الذي تدخل منه المقصورة من موضع الجنائز، وعن يمين القبلة باب بحذائه سواء في الطرف الآخر أي في مقابلته يدعى باب زيت القناديل، ذكروا أن مروان عمله، وخوخة آل عمر تحت المقصورة، ومما يلي المغرب ثمانية أبواب منها الخوخة التي تقابل يمين خوخة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومما يلي الشام أربعة، انتهى كلام ابن زبالة؛ فغيره لم يعد الباب الذي كان في القبلة شارعا في دار مروان؛ لأنه باب دار، وكذا خوخة آل عمر؛ لأنها للدار لا للمسجد، وكذا باب زيت القناديل؛ لأنه باب خزانة للمسجد لا يدخل منه عامة الناس، وكان موضعه عند زاوية الجدار الغربية مما يلي القبلة وجدوه عند عمارة المنارة التي بباب السلام وسد بجدارها.
وأما الباب الذي ذكره عن يسار القبلة فيؤخذ من كلامه أنه كان في المشرق مقابلا لباب زيت القناديل وأنه خاص بالمقصورة، ولو كان بابا عاما لعده في الأبواب التي في جهة المشرق، وقد ظهر هذا الباب عند هدم المنارة الشرقية بعد الحريق الذي أدركناه، وهو باب صغير وجد مسدودا عند زاوية جدار المسجد الشرقية، وكأن الدخول كان منه إلى الخزانة التي تحت المنارة الشرقية اليمانية ثم منها إلى المقصورة، ولهذا لما بسط ابن زبالة الكلام على أبواب المسجد في موضع آخر لم يذكر هذه الأبواب الأربعة، بل اقتصر على العشرين.
فلنذكر ما ذكره وغيره فيها وما زاده المطري في بيانها مما يعرف بمحلها ثم نفرد خوخة آل عمر بالكلام عليها، فنقول:
باب النبي صلّى الله عليه وسلّم
الأول: وهو مبتدأ أبواب جهة المشرق مما يلي القبلة، باب النبي صلّى الله عليه وسلّم، سمي بذلك لكونه في مقابلة حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها التي بها قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، لا لكونه دخل منه؛ إذ لا وجود له في زمنه صلّى الله عليه وسلّم، وقد سد عند تجديد الحائط الشرقي، وجعل مكانه شباك