وعن معاذ بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلّى في مسجد الفتح الذي على الجبل وفي المساجد التي حوله» .
[المساجد التي حول مسجد الفتح]
قلت: وظاهره أن المساجد حوله ثلاثة لأنه أقل الجمع، وهو ما صرح به ابن النجار فقال: إن مسجد الفتح على رأس جبل يصعد إليه بدرج، وقد عمر عمارة جديدة، أي عمارة ابن أبي الهيجاء الآتية فإنه أدركها.
قال: وعن يمينه في الوادي نخل كثير، ويعرف ذلك الموضع بالسيحي، أي بالياء آخر الحروف. ومساجد حوله وهي ثلاثة- قبلة الأول منها خراب، وقد هدم وأخذت حجارته، والآخران معموران بالحجارة والجص، وهما في الوادي عند النخل، انتهى.
وقال المطري: إن المسجدين اللّذين في قبلة مسجد الفتح تحته يعرف الأول منهما يعني الذي يلي مسجد الفتح بمسجد سلمان الفارسي، والثاني الذي يلي القبلة- يعني في قبلة مسجد سلمان- يعرف بمسجد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم ذكر ما تقدم عن ابن النجار من أنه كان معهما مسجد ثالث، ثم قال: وهذا لم يبق له أثر.
قلت: وفي قبلة المسجد المعروف بأمير المؤمنين جانحا إلى جهة المشرق يلحق طرف جبل سلع الذي في قبلة المساجد رضم من حجارة رأينا الناس يتبركون بالصلاة بينها. وقد تأملتها فوجدت في طرفها مما يلي المشرق حجرا من المقام الذي يجعل منه الأساطين، وهو مثبت في الأرض بالجص، فترجح عندي أنه أثر أسطوان، وأن ذلك هو المسجد الذي يشير إليه ابن النجار، وما ذكره المطري من نسبة المسجدين المذكورين لسلمان وعلي رضي الله تعالى عنهما شائع على ألسنة الناس، ويزعمون أن الثالث الذي ذكر المطري أنه لم يبق له أثر مسجد أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وبعض العامة يسمى مسجد سلمان بمسجد أبي بكر رضي الله عنه، ولم أقف في ذلك كله على أصل.
قال المطري: ويصعد إلى مسجد الفتح بدرجتين شمالية وشرقية، وكان فيه ثلاث أسطوانات من بناء عمر بن عبد العزيز، فلذلك قال في الحديث «موضع الأسطوانة الوسطى» .
قلت: والمراد أنها ثلاث أساطين بين المشرق والمغرب فمسقفه رواق واحد فقط كما هو عليه اليوم، قال المطري: لكنه تهدّم على طول الزمان فجدّده الأمير سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء أحد وزراء العبيديّين ملوك مصر في سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وكذلك جدد بناء المسجدين اللذين تحته من جهة القبلة في سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
قلت: واسمه اليوم مرسوم على مسن في أعلى قبلة مسجد الفتح، وفي أعلى قبلة المسجد الذي يليه. وفيه ذكر العمارة في التاريخ المذكور.