للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثامن في الأحاديث الواردة في تحريمها، وهي كثيرة]

روينا في الصحيحين منها حديث عبد الله بن زيد «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها» ، وفي لفظ «ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة» الحديث.

وفي البخاري حديث أبي هريرة رضي الله عنه «حرم ما بين لابتي المدينة على لساني» قال: وأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم بني حارثة فقال: «أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم، ثم التفت فقال: بل أنتم فيه» وسيأتي بيان منازلهم، وفيه أيضا عنه: لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بين لابتيها حرام» وهو في مسلم بزيادة، ولفظه «جرم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما بين لابتي المدينة» قال أبو هريرة: فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها، وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى.

وفي مسلم أيضا عن عاصم الأحول: «سألت أنسا أحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة؟

قال: نعم، هي حرام: لا يختلى خلاها «١» ، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» .

وفيه أيضا حديث رافع بن خديج رضي الله عنه «إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها» يريد المدينة.

وفيه أيضا حديث جابر «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها: لا تقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها» .

وفيه أيضا من حديث أبي سعيد الخدري «اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما، وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها، ألايهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا يخبط «٢» فيها شجرة إلا لعلف» الحديث.

وفيه أيضا من حديث أنس «اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم عليه السلام مكة» .

قلت: المراد بجبليها عير وثور، وهما المعبر عنهما في الحديث قبله بمأزميها على ما صوبه النووي، ونسبة تحريم مكة لإبراهيم عليه السلام دليل لما ذهب إليه جماعة من أنها لم تزل حلالا كغيرها إلى زمن إبراهيم عليه السلام، فحرمت، والثاني- وصححه النووي، ونقل عن الأكثرين- أنها لم تزل حراما منذ خلق الله السموات والأرض، ثم أظهر الله


(١) اختلى: قطع ونزع. الخلا: الرطب من النبات.
(٢) خبط الشجرة بالمخبط: ضربها به ليسقط ورقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>