صلّى الله عليه وسلّم: والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا، فقال صلّى الله عليه وسلّم: لم أومر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم، فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاؤونا في منازلنا فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تشب الحرب بيننا وبينهم منكم، فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء، وما علمناه، ولقد صدقوا لم يعلموه.
وفي حديث غير كعب أنهم أتوا عبد الله بن أبي، فقال لهم: إن هذا الأمر جسيم، ما كان قومي ليتفوتوا علي بمثل هذا، وما علمته كان، وروي أن مشركي الأنصار الذين حجوا في ذلك العام كانوا خمسمائة نفر، وأن أهل العقبة كانوا سبعين نفرا.
[عدة أهل البيعة]
وفي لفظ عن ابن إسحاق: من الأوس أحد عشر رجلا: ومن القبائل أربعة نفر حلفاء الخزرج، وكان من بني الحارث بن الخزرج اثنان وستون رجلا، فكأنه أدخل في الخزرج حلفاءهم الأربعة، وإلا فتزيد العدة على ثلاثة وسبعين أربعة.
وروى رزين أن أهل العقبة كانوا سبعين رجلا وامرأتان؛ فإنه روى حديث العقبة هذه عن عبادة بن الصامت بنحو حديث كعب المتقدم، فقال: قال عبادة بن الصامت: فلما كان العام المقبل أتينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن سبعون رجلا وامرأتان من قومنا، فواعدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند مسجد شعب العقبة، عن يسارك وأنت ذاهب إلى منى، فلما توافينا عنده جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه عمه العباس، وقال: يا معشر الخزرج، وهذا الاسم يغلب على الأوس والخزرج جميعا إذ ذاك، إن محمدا منا حيث علمتم، وقد منعناه كما بلغكم، فإن كنتم تعلمون أنكم تقدرون على منعه، وإلا فذروه فهو مع قومه في عز ومنعة، فقام البراء بن معرور فقال: قد سمعنا ما قلت، وإنا ما ضربنا إليه أكباد الإبل إلا وقد علمنا أنه نبي، فبايعنا يا رسول الله، واشترط لنفسك ولربك ما شئت، فحمد الله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودعا إلى الله، ورغّب في الإسلام، ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم، فأخذ البراء بيده، وقال: نعم والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعك مما نمنع منه أزرنا، ونحن أهل الحلقة والحصون والحروب، فقام أبو الهيثم بن التيهان فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالا، ونحن قاطعوها، فهل عسيت إن نصرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بل الدم الدم والهدم الهدم، المحيا محياكم، والممات مماتكم، وأحارب من حاربكم، وأسالم من سالمكم، أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونوا نقباء على الناس، فأخرجوا تسعة من الخزرج وثلاثة من