أعلم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، ولم أجد أكثر من أسماء هذه البلدة الشريفة، وقد استقصيتها بحسب القدرة حتى إني زدت على شيخ مشايخنا المجد الشيرازي اللغوي- وهو أعظم الناس في هذا الباب- نحو ثلاثين اسما، فرقمت على ذلك صورة ليتميزوها، وأنا أوردها مرتّبة على حروف المعجم.
[أثرب]
الأول: أثرب- كمسجد، بفتح الهمزة وسكون المثلاثة وكسر الراء وباء موحدة- لغة في «يثرب» الآتي، وأحد الأسماء كألملم ويلملم، قيل: سميت بذلك لأنه اسم من سكنها عند تفرّق ذرية نوح عليه السلام في البلاد، وهل هو اسم للناحية التي منها مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم أو للمدينة نفسها، أو لموضع مخصوص من أرضها؟ أقوال، الأول لأبي عبيدة، والثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما، ومشى عليه الزمخشري، والثالث هو المعني بقول محمد بن الحسن أحد أصحاب مالك ويعرف بابن زبالة: وكانت يثرب أم قرى المدينة، وهي ما بين طرف قناة إلى طرف الجرف، وما بين المال الذي يقال له البرني إلى زبالة، وقد نقل ذلك الجمال المطري عنه، وزاد في النقل أنه كان بها ثلاثمائة صائغ من اليهود، وابن زبالة إنما ذكر أن ذلك كان بزهوة، وقد غاير بينها وبين يثرب، وكأن الجمال فهم اتحادهما، وقد قال عقب نقله لذلك عنه: وهو يعني يثرب معروفة اليوم بهذا الاسم، وفيها نخيل كثيرة ملك لأهل المدينة وأوقاف للفقراء وغيرهم، وهي غربي مشهد سيدنا حمزة، وشرقي الموضع المعروف بالبركة مصرف عين الأزرق، ينزلها الحاج الشامي في وروده وصدوره، وتسميها الحجاج عيون حمزة، وهي إلى اليوم معروفة بهذا الاسم، أعني يثرب، وربما قالوا فيها «أثارب» بصيغة الجمع، وبه عبر البرهان ابن فرحون في مناسكه، فلك أن تعده اسما آخر، وهذا الموضع يثرب قال المطري: كان به منازل بني حارثة بطن ضخم من الأوس، قال: وفيهم نزل قوله تعالى في يوم الأحزاب: وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا [الأحزاب: ١٣] ورجح به القول الثالث، وذلك أن قريشا