للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرقي المسجد وتتبع ما حولها، فوجد سربا تحت الأرض آخذا من شرقي المسجد إلى جهة زقاق المناصع، وتتبعه حتى وصل إلى الحوش المعروف اليوم بحوش الحسن، فوجد الناس قد بنوا هناك، ولم يتمكنوا من تتبعه إلا بهدم الأبنية فتركوه، وهذا هو السرب الذي تقدم أنه كان يخرج عند دار أنس بن مالك في بني جديلة.

ثم إن متولي العمارة حفر سربا لتلك البلاليع التي عند أبواب المسجد، وأوصلها بالسرب الذي يسير فيه وسخ العين؛ فحصل بذلك غاية النفع، وصار الماء لا يقف بعد ذلك بأبواب المسجد، ووجد البلاط الأول على أكثر من نصف قامة من الأرض فيما يلي الصاغة وسوق العطارين، وكذا في شامي المسجد.

وأما الدور المطيفة بالبلاط الأعظم- وهو الآخذ من باب السلام إلى المصلى- ففي قبلة منازل بني زريق، وسيأتي من كلام ابن شبة نقلا عن أبي غسان أن ذرع ما بين مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي عنده دار مروان وبين المسجد الذي يصلي فيه العيد بالمصلى ألف ذراع، وقد ذرعناه فكان كذلك، لكن الذي يظهر أن البلاط لم يكن متصلا بمسجد المصلى؛ لأنه ذكر أن نهايته دار ابن هشام، ولم تكن الدور متصلة بنفس المسجد.

[بيان الدور المطيفة بالبلاط]

فأول الدور المطيفة بهذا البلاط مما يلي المصلى في ميسرته دار إبراهيم بن هشام المخزومي.

وفي ميمنته في قبلتها جانحا إلى المغرب دار سعد بن أبي وقاص، والطريق بينهما.

ودار سعد هذه قال ابن شبة: إنها هي التي في دبر دار جبى، ولها فيها طريق مسلمة.

قال: وسمعت من يقول: كانتا دارا واحدة لسعد، وإن عمر بن الخطاب كان قاسمه إياها، وكانت دار جبى قسيمة هذه الدار حين قاسمه ماله مقدم سعد من العراق، فاشترى دار جبى عثمان بن عفان، ثم صارت لعمرو بن عثمان، وكانت جبى أرضعت عمرا فوهبها لها، فكانت بيدها، حتى سمعت نقيضا في سقف بيتها فقالت لجاريتها: ما هذا؟ قالت:

السقف يسبح، قالت: ما سبح شيء قط إلا سجد! فخرجت، فاضطربت خباء بالمصلى، ثم باعت الدار من بعض ولد عمر بن الخطاب. قال: وسمعت من يقول: إن عثمان نفسه أقطعها إياها.

ثم يليها في ميمنة البلاط المذكور دار لسعد بن أبي وقاص أيضا، وكانت لأبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فناقله أبو رافع إلى داريه بالبقال، وكانتا دارا لسعد.

وفي ميسرة البلاط في مقابلة هذه الدار دار لسعد أيضا، والطريق بينهما عشرة أذرع، ودور سعد صدقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>