وأيضا فمن الشائع بين الناس اليوم نسبتهم إلى عثمان رضي الله تعالى عنه الدار التي في شرقي الدار التي قلنا لعلها دار المغيرة بينها وبينها ساباط، ولعلها التي كانت لعثمان وناقل بها المغيرة إلى داره التي بالبقيع، وقد قال في وصفها «إنها بين دار المغيرة اليوم ودار زيد بن ثابت» فتكون دار زيد بن ثابت هي التي تلي ذلك في المشرق أيضا على يسار الذاهب إلى البقيع، وما عن يمينه مما يلي رباط المغاربة دور آل حزم من الأنصار.
وقد قال ابن شبة: إن عتبة بن غزوان حليف بني نوفل بن عبد مناف اتخذ داره التي بالبقيع إلى شرقي دور آل حزم الأنصار؛ فتكون على يمين الذاهب إلى البقيع بعد دور آل حزم.
فأما البلاط الشامي فمحله ظاهر بين المسجد والدور التي قدمناها في شاميه، لكن حدث فيه دور لاصقة بالمسجد بعد سد الأبواب التي في تلك الجهة كما قدمناه.
وأما ما ذكره ابن شبة من أن الماء الذي يصب في السرب الذي بالمصلى والسرب الذي عند دار العباس يخرج إلى ربيع في الجبانة عند الحطابين فالمراد أنه يخرج إلى الربيع المذكور في شامي سوق المدينة عند سوق الحطابين قرب ثنية الوداع، لما سيأتي في ترجمة الجبانة.
وقوله «إن السرب الآخر عند دار أنس بن مالك في بني جديلة عند دار بنت الحارث» فأما دار أنس فلم يتحرر لي معرفتها، غير أنه سيأتي في بئره- وكانت في داره- ما ترجح عندنا في محلها؛ فيؤخذ منه أن داره كانت عند البئر المعروفة اليوم بالرباطين خلف الحديقة المعروفة بالرومية في شامي سور المدينة.
وأما دار بنت الحارث فلم أعلم محلها، وعلى ما ذكرناه في دار أنس تكون في محل الحديقة المعروفة بالرومية أو ما حولها. ودار بنت الحارث هذه لها ذكر في أماكن كثيرة، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم ينزل بها الوفود، وجعل بها أسرى بني قريظة حتى خندق لهم الخنادق بالسوق وقتلوا.
وروى ابن زبالة عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: جاء النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى نفر من أصحابه من قريش والأنصار وهم في دار بنت الحارث، فلما رأوه أوسعوا له- الحديث.
وبنت الحارث: اسمها رملة. وهذه الأسراب الثلاثة لا يعرف منها شيء اليوم.
وقد علا الكبس على كثير من البلاط، ولم يبق ظاهرا منه إلا ما حول المسجد النبوي وشيء من جهة بيوت الأشراف ولاة المدينة. وله بلاليع يجتمع الماء فيها، فإذا كثرت الأمطار تجتمع حول المسجد لامتلاء تلك البلاليع، فيصير أمام أبواب المسجد كالغدران الكبار، خصوصا في شرقي المسجد، فحفر الشمس بن الزمن متولي العمارة الشريفة البلّاعة التي في