متوليها فلان، فإذا حضر لك فلان العربي فتوصل إليه هذه الرزمة الآخرى وهذا الكتاب وتسير معه، فإذا أوصلك إلى فلان العربي توصل إليه هذه الرزمة وهذا الكتاب، وهكذا إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فتوصل إلى وكيلي فلان هذه الأحمال، وهذه الكسوات والمال الذي عليه اسم المدينة ليخرجها بمقتضى هذه الجريدة، ثم تأخذ الباقي الذي عليه اسم مكة فتسير إليها فيتصدق به وكيلي بموجب الجريدة الآخرى، فسرنا بذلك إلى وادي القرى، فرأينا هناك جمالا كثيرة تحمل الطعام إلى المدينة، وقد منعهم خوف الطريق، فلما رأونا ساروا معنا إليها فوصلناها والحنطة بها كل صاعين بدينار مصري، والصاع- أي: في ذلك الزمان- خمسة عشر رطلا بالبغدادي، فلما رأوا المال والطعام اشتروا كل سبعة آصع بدينار، فانقلبت المدينة بالدعاء له.
قلت: وقد قدمنا كيفية نقله إلى المدينة الشريفة بعد موته ودفنه بتربته التي برباطه المجاور للمسجد الشريف عند ذكر باب عثمان وهو باب جبريل لمقابلته له، وتقدم ذكره أيضا في ترخيم الحجرة الشريفة.
ومن أعماله الحسنة: تجديد مسجد الخيف، وإجراء عين عرفة، وبناء جدار الحجرة وترخيمه، وتجديد باب الكعبة، وكان النعش الذي حمل فيه هو باب الكعبة القديم، وفيه يقول أبو المجد بن قسيم:
أغرّ تبصر منه الناس في رجل ... واللّيث في بشر، والبدر في غصن
سما بهمته في المكرمات إلى ... علياء تقصر عنها همّة الزّمن
إلى أن قال فيه:
صان المدينة تسويرا وصوّرها ... في الحسن غادة ملك الشام واليمن
ولسور المدينة اليوم أربعة أبواب غير باب حصن أمير المدينة المعروف بباب السر، وهو باب عظيم كله من الحديد.
وأما الأبواب الأربعة:
فأحدها:[يعرف بدرب المصلى]
الباب الذي غربي المدينة في جهة المصلى عند منزلة الحاج المصري، ويعرف بدرب المصلى، ودرب سويقة، وذرع ما بينه وبين عتبة باب السلام ستمائة ذراع وخمسة وأربعون ذراعا، وكان عليه باب متقن أحرقه بعض صبيان الأمير ضغيم سنة عزله، فأخذ أمير المدينة باب الحوش الذي عمره الأمير ضغيم وجعله عليه، ثم عمل باب متقن كالأول في عمارة المسجد المتجددة بعد الحريق الثاني.