المتقدم تحديده في حدود الحرم، وذلك خمسة أميال وثلثا ميل ينقص مائة ذراع، وكان المسجد ليس أول ذي الحليفة؛ لأن أبا عبد الله الأسدي من المتقدمين قال: الرحلة من المدينة إلى ذي الحليفة وهي الشجرة ومنها يحرم أهل المدينة وهي على خمسة أميال ونصف مكتوب على الميل الذي وراءها قريب من العالمين: ستة أميال من البريد، ومن هذا الميل أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى؛ فالميل المذكور عند المسجد لأنه محل إهلاله صلى الله عليه وسلم، وأول ذي الحليفة قبله بنصف ميل.
وقوله «قريب من العالمين» يحتمل أن يريد علمي مدخل ذي الحليفة لقوله في تعداد الأعلام «وعلى مدخل ذي الحليفة علمان» فيفيد ما تقدم من عدم التعرض لانتهاء الحليفة، لكنه ذكر كما سبق في البيداء أن على مخرج ذي الحليفة علمين آخرين، وأن البيداء فوق علمي الحليفة إذا صعدت من الوادي، فيحتمل أن يريد بقوله «قريب من العالمين» علمي مخرج الحليفة، فيفيد أن المسجد قرب آخر الحليفة، وهو الظاهر؛ لأن البيداء هي الموضع المشرف على ذي الحليفة وذلك على نحو غلوة سهم من مسجدها. والأعلام المذكورة غير موجودة اليوم.
وقال العز بن جماعة: وبذي الحليفة البئر التي تسميها العوام بئر علي، وينسبونها إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه؛ لظنهم أنه قاتل الجن بها، وهو كذب، ونسبتها إليه غير معروفة عند أهل العلم، ولا يرمي بها حجر ولا غيره كما يفعل بعض الجهلة، انتهى.
وسبق في مسجد ذي الحليفة ذكر اتخاذ الدرج لآبارها، وسبق في خاتمة الفصل الرابع عن ابن شبة أن فوق ذي الحليفة التي هي الحرم في القبلة قبل حمراء الأسد موضعا من أعلى العقيق سمي بالحليفة العليا، فيكون المحرم الحليفة السفلى، ولم أره في كلام غيره ولعله الخليقة بالخاء المعجمة والقاف لما سيأتي فيها. وأما ذو الحليفة المحرم فهي أيضا من وادي العقيق، ولذا روى أبو حنيفة كما في جامع مسانيده عن ابن عمر قال: قام رجل فقال: يا رسول الله، من أين المهل؟ فقال: يهلّ أهل المدينة من العقيق، ويهلّ أهل الشام من الجحفة، ويهلّ أهل نجد من قرن، فأطلق على ذي الحليفة اسم العقيق.
وذو الحليفة أيضا: موضع بين حاذة وذات عرق، ومنه حديث رافع بن خديح قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة فأصبنا نهب غنم، وتقدم في مساجد تبوك ما يقتضي أن ذا الحليفة أيضا موضع آخر بين المدينة وتبوك.
[الحماتان:]
موضع قرب البليدة، يضاف إليه حرم الحماتين، وسبق شاهده في البلدة والبليدة.