بأن زيارته صلّى الله عليه وسلّم من أعظم القربات، وتوقف في ذلك الإمام من جهة أنها لا تتعلق بالمسجد وتعظيمه، قال: وقياسه أنه لو تصدق في المسجد أو صام يوما كفاه، وفيه نظر، على أن الصحيح ما نص عليه في المختصر من عدم لزوم الإتيان، وإن كان اللزوم أرجح دليلا، ورجح الرافعي تفريعا على اللزوم ضم صلاة أو اعتكاف، وكذا إذا نذر إتيان الأقصى، فإن نفس المرور لما لم يكن في نفسه مزية انصرف النذر إلى ما يقصد فيه من القرب وبهذا يترجح ما قاله الشيخ أبو علي، لأن إتيان مسجد المدينة يقصد للصلاة والاعتكاف والزيارة بخلاف غيره.
[التاسعة والثمانون: قال ابن المنذر: إذا نذر أن يمشي إلى مسجد الرسول والمسجد الحرام لزمه الوفاء به لأنه طاعة؛]
ومن نذر أن يمشي إلى بيت المقدس كان بالخيار: إن شاء مشى إلى المسجد الأقصى، وإن شاء مشى إلى المسجد الحرام؛ لحديث أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في مسجد بيت المقدس، قال صلى الله عليه وسلم: «صلّ هنا، ثلاثا» انتهى. ويعلم مما تقرر في إجزاء مسجد المدينة عن الأقصى في الإتيان والصلاة إجزاؤه هنا كالمسجد الحرام، والذي اقتضاه كلام البغوي تصحيح عدم لزوم المشي في مسجد المدينة والأقصى، وهو الذي رجحوه.
التسعون: قوله صلّى الله عليه وسلّم في أحاديث تحريمها «ولا يحمل فيها سلاح لقتال» .
الحادية والتسعون: قوله فيها أيضا: «ولا تلتقط لقطته إلا لمن أشاد بها» .
[الثانية والتسعون: إذا قلنا بضمان صيدها وقطع شجرها فالصحيح أنه يسلب الصائد كما يسلب قتيل الكفار،]
وهذا أبلغ في الزجر من الجزاء.
[الثالثة والتسعون: جواز نقل ترابها للتداوي.]
الرابعة والتسعون: ظهور نار الحجاز التي أخبر بها صلّى الله عليه وسلّم مما حولها؛
لأنها للإنذار، فاختصت ببلد النذير، ثم لما بلغت الحرم وكان محرّمه المبعوث بالرحمة خمدت وطفئت، على ما سيأتي.
الخامسة والتسعون: دعاؤه صلّى الله عليه وسلّم بالبركة في سوقها.
[السادسة والتسعون: ما سيأتي في سوقها من أن الجالب إليه كالمجاهد في سبيل الله.]
[السابعة والتسعون: أن المحتكر فيه كالملحد في كتاب الله.]
الثامنة والتسعون: ما سيأتي في بئر غرس من أنه صلّى الله عليه وسلّم «رأى أنه أصبح على بئر من آبار الجنة، فأصبح على بئر غرس»
ورؤيا الأنبياء حق، عليهم الصلاة والسلام!
[التاسعة والتسعون: ما سبق في ثمارها من أن العجوة من الجنة؛]
فقد اشتملت المدينة على شيء من أرض الجنة ومياهها وثمارها، والله أعلم.