للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبس دارا جاز له أن يسكن منها في موضع، وتعقّبه ابن المنير بمنع أصل الدعوى، وقد ترجم ابن شبة لعلم دور أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة، وذكر عن جماعة منهن اتخاذ دور في أماكن متفرقة من المدينة، فتلك غير الحجر المذكورة، والظاهر أن اتخاذهن لذلك كان بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.

الفصل العاشر في حجرة فاطمة بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم ورضي الله عنها

أسند يحيى عن عيسى بن عبد الله عن أبيه أن بيت فاطمة رضي الله عنها في الزور الذي في القبر، بينه وبين بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم خوخة.

وأسند عن عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين قال: كان بيت فاطمة في موضع الزور مخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكانت فيه كوة إلى بيت عائشة رضي الله عنها، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا قام إلى المخرج اطلع من الكوة إلى فاطمة فعلم خبرهم، وأن فاطمة رضي الله عنها قالت لعلي: إن ابني أمسيا عليلين فلو نظرت لنا أدما «١» نستصبح به «٢» ، فخرج علي إلى السوق فاشترى لهم أدما، وجاء به إلى فاطمة فاستصبحت، فدخلت عائشة المخرج في جوف الليل فأبصرت المصباح عندهم، وذكر كلاما وقع بينهما، فلما أصبحوا سألت فاطمة النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يسد الكوة، فسدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأسند يحيى عقب ذلك حديث عائشة «قلت: يا رسول الله ندخل كنيفك فلا نرى شيئا من الأذى، فقال: الأرض تبلع ما يخرج من الأنبياء من الأذى فلا يرى منه شيء» فأشعر صنيع يحيى أن المراد من المخرج موضع الكنيف، وأفهم ذلك أن المخرج المذكور كان خلف حجرة عائشة رضي الله عنها، بينها وبين بيت فاطمة رضي الله عنها، وذلك يقتضي أن يكون محله في الزور، أعني الموضع المزور شبه المثلث في بناء عمر بن عبد العزيز في جهة الشام.

ويشهد لذلك ما أسنده يحيى عن مسلم عن ابن أبي مريم أن عرض بيت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوان المواجهة الزور، قال: وكان بابه في المربعة التي في القبر.

وقد أسند أبو غسان كما قاله ابن شبة عن مسلم بن سالم بن مسلم بن أبي مريم قال:

عرّس علي رضي الله عنه بفاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الأسطوان التي خلف الأسطوان


(١) الأدم: ما يستمرأ به الخبز. والمراد هنا الزيت.
(٢) نستصبح به: نوقد به المصباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>