للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حياته مرجعه من حجة الوداع، وهذا الأثبت عند الواقدي، وبعضهم يقول: هي من بني النضير.

ولما انقضى شأن بني قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ فمات شهيدا.

وفي البخاري ما يقتضي أن قريظة كانوا قد حاربوا قبل ذلك مع بني النضير، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم منّ عليهم، ولم أر التصريح بذلك، ولم يتعرض له الحافظ ابن حجر في شرحه، وقد قدمنا في بني النضير من رواية ابن مروديه ما يشهد له، ولفظ البخاري: عن ابن عمر قال: حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير، وأقر قريظة ومنّ عليهم، حتى حاربت قريظة، فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأموالهم وأولادهم بين المسلمين، إلا بعضهم لحقوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم فأمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم: بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهودي بالمدينة، اه.

ورواه أبو داود بنحوه، إلا أنه قال: حتى حاربت قريظة بعد ذلك، يعني بعد محاربتهم الأولى وتقريرهم، ويؤخذ من ذلك أن إجلاء من بقي من طوائف اليهود بالمدينة كان بعد قتل قريظة.

وفي البخاري أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا حتى إذا جئنا بيت المدراس «١» قال:

أسلموا تسلموا، واعلموا أن الأرض لله ولرسوله وأني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن يجد منكم بما له شيئا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ولرسوله، وهو مقتض لأن ذلك كان بعد خيبر؛ لأن إسلام أبي هريرة بها في السنة السابعة، والله أعلم.

ثم كانت سرية عبيد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد الهذلي ثم اللحياني بعرنة «٢» ، وفيها سقط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن فرسه «٣» فجحش، وفيها دفت دافة العرب»

، فنهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث.

قلت: وتزوج زينب بنت جحش، وهي بنت عمته أميمة، وقيل: في الثالثة، وبسبها نزلت آية الحجاب، وأسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، والله أعلم.

[السنة السادسة من الهجرة]

السنة السادسة: في أولها أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بثمامة بن أثال أسيرا، ثم كسفت الشمس ثانية بعد الكسوف الذي كان يوم مات ابنه إبراهيم.


(١) المدراس: موضع يدرس فيه كتاب الله، ومنه مدارس اليهود.
(٢) العرنة: موقف بعرفات.
(٣) جحش شقه: انخدش جلده.
(٤) دفت الدافة: جماعة من الناس تقبل من بلد إلى بلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>