قال: لقد آن لسعد ألاتأخذه في الله لومة لائم، فجاء سعد فرد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحكم إليه، فقال سعد: فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة:
سموات، ثم استنزلوا، فحبسهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المدينة، ثم خرج صلّى الله عليه وسلّم إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق وفيهم عدو الله حيي بن أخطب؛ فإنه كان قد عاهد كعب بن أسد لئن رجعت قريش وغطفان لأدخلن معك في حصنك حتى يصيا بني ما أصابك، فلما رجعت الأحزاب دخل معه في حصنه، فكان ذلك، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتل من أنبت منهم، ومن لم ينبت استحياه، ولم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة كانت طرحت رحى على خلاد بن سويد كما سبق.
وعند ابن سعد من مرسل حميد بن هلال: أن سعد بن معاذ حكم أيضا أن يكون دارهم للمهاجرين دون الأنصار، فلامه الأنصار، فقال: أحببت أن يستغنوا عن دوركم.
واختلف في عدتهم؛ فعند ابن إسحاق كانوا ستمائة، وعند ابن عائذ من مرسل قتادة كانوا سبعمائة، وقال السهيلي: المكثر يقول: إنهم ما بين الثمانمائة إلى السبعمائة، وفي النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل، وكان الزبير بن باطا القرظي قد مر على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية يوم بعاث، فجاءه ثابت لما قتل بنو قريظة وهو شيخ كبير، وذكّره بذلك، ثم ذهب فاستوهبه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوهبه إياه، فأتاه فقال: شيخ كبير لا أهل له ولا ولد، فما يصنع بالحياة؟ فاستوهب له امرأته وولده، فقال: أهل بيت بالحجاز لا مال لهم، فما بقاؤهم؟ فاستوهب له ماله، فأتاه فأعلمه، فقال: أي ثابت ما فعل فلان وفلان، وصار يذكر قومه ويصفهم، فقال له: قتلوا، قال:
فإني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم، فو الله ما في العيش بعد هؤلاء من خير، فقدمه ثابت فضرب عنقه.
ثم قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين، وأسهم للخيل، فكان أول فيء وقعت فيه السهمان «١» ، وأخرج منه الخمس، واصطفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة إحدى نساء بني عمرو بن قريظة، فكانت عنده حتى توفي، وكان يحرص عليها أن يتزوجها، فقالت: تتركني في ملكك فهو أحق علي وعليك، فتركها، وقد كانت حين سباها كرهت الإسلام، فوجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك من أمرها، فبينا هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال: إن هذا لثعلبة بن شعبة يبشرني بإسلام ريحانة، فكان كذلك، وقيل: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم أعتقها وتزوجها، وإنها ماتت