يقطع شجرها إلا أن يعلف رجل بعيرا، ولا يحمل فيها سلاح لقتال» الحديث، ورواه أحمد كذلك أيضا، وهو حديث صحيح، وجمام المدينة ثلاثة كما سيأتي، وهي مما يلي حرتها الغربية من جهة المغرب والحرة بين الجمام والمدينة.
وروى مسلم حديث الصحيفة بلفظ:«المدينة حرم ما بين عير إلى ثور» والبخاري بلفظ: «المدينة حرم ما بين عاير إلى كذا» وأبو داود بلفظ: «المدينة حرام ما بين عاير إلى ثور» ثم زاد فيه وقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا يلقط لقطتها إلا من أشاد بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال، ولا أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره» ورواه الطبراني برجال موثّقين مختصرا، ولفظه عن أبي جحيفة أنه دخل على علي رضي الله عنه فدعا بسيفه، فأخرج من بطن السيف أدما عربيا، فقال: ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا غير كتاب الله الذي أنزل إليه وقد بلغته غير هذا، فإذا: بسم الله الرحمن الرحيم، محمد رسول الله قال:«لكل نبي حرم وحرمي المدينة» .
[الفصل التاسع في بيان عير وثور]
وهما المراد بجبليها كما تقدم.
[موقع جبل عير]
أما عير- بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف بلفظ العير مرادف الحمار، ويقال: عاير- فجبل كبير مشهور في قبلة المدينة بقرب ذي الحليفة ميقات المدينة.
[موقع جبل ثور]
وأما ثور- بالمثلاثة بلفظ الثور فحل البقر- فجبل صغير خلف أحدكما سنحققه، فإنه خفي على جماعة من فحول العلماء فاستشكلوا الحديث، وقالوا: ليس بالمدينة ثور، إنما هو بمكة، ولهذا في أكثر روايات البخاري من عاير إلى كذا، وفي بعضها من عير إلى كذا، ولم يبين النهاية، فكأنه يرى أن ذكر ثور وهم فأسقطه، وترك بعض الرواة موضع ثور بياضا ليتبين الوهم، وضرب آخرون عليه.
[الاختلاف في وجود جبل ثور بالمدينة]
وقال المازري: نقل بعض أهل العلم أن ذكر ثور هنا وهم من الراوي؛ لأن ثورا بمكة، والصحيح «إلى أحد» .
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: عير وثور جبلان بالمدينة، وأهل المدينة لا يعرفون