يدفن معه، قال: فقال أبو مودود: وقد بقي في البيت موضع قبر، قال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي بعض النسخ: حسن غريب، هكذا قال عثمان بن الضحاك، والمعروف الضحاك بن عثمان المدني، انتهى كلام الترمذي.
وفي رواية للطبراني عن عبد الله بن سلام قال: يدفن عيسى بن مريم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر؛ فيكون قبرا رابعا، وهو من رواية عثمان بن الضحاك، وقد وثقه ابن حبان وضعفه أبو داود.
وذكر الزين المراغي أن ابن الجوزي روى في المنتظم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ينزل عيسى بن مريم إلى الأرض، فيتزوج ويولد له، فيمكث خمسا وأربعين سنة، ثم يموت فيدفن معي في قبري، فأقوم أنا وعيسى بن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر.
وقال ابن النجار: قال أهل السير: وفي البيت موضع قبر في السهوة الشرقية، قال سعيد بن المسيب: فيه يدفن عيسى بن مريم.
والسهوة: بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع والخزانة، وقيل: هو كالصفة يكون بين يدي البيت، وقيل: هو شبيه بالرف والطاق يوضع فيه الشيء، ولعل المراد بذلك الموضع الذي ضربت عليه عائشة جدارا وسكنت به كما سبق.
[الملائكة يحفون بالقبر]
وسنذكر فيما استقر عليه بناء الحجرة أنه عقد على نحو ثلثها الشرقي عقد، فصار ذلك المحل مميزا عن بقية البيت، وكان قبله في البناء ما يشهد لجدار آخر من الشام إلى القبلة في تلك الجهة، فلعله الموضع المذكور.
وروى يحيى وابن النجار عن كعب الأحبار قال: ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفوا بالقبر، يضربون بأجنحتهم، ويصلون على النبي صلّى الله عليه وسلّم، حتى إذا أمسوا عرجوا، وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك، حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة، صلّى الله عليه وسلّم.
وفي صحيح الدارمي نحوه من رواية عائشة رضي الله عنها، وقال فيه: سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار، ذكره في باب ما أكرم الله به نبيه صلّى الله عليه وسلّم بعد موته، رواه البيهقي في شعبه.
[لا ينبغي رفع الصوت في المسجد]
وقد تقدم قول عمر رضي الله عنه «إن مسجدنا هذا لا ترتفع فيه الأصوات» وقال أبو بكر رضي الله عنه: لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا.