وروى ابن زبالة عن فائد مولى عبادل قال: قال لي منقد الحفّار: في المقبرة قيران مطابقان بالحجارة: قبر حسن بن علي، وقبر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنحن لا نحركهما.
قلت: وأمهات المؤمنين كلهن بالمدينة، إلا خديجة فبمكة، وإلا ميمونة فبسرف.
[قبر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه]
وروى ابن شبة عن الزهري قال: جاءت أمّ حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما فوقفت على باب المسجد، فقالت: لتخلّنّ بيني وبين دفن هذا الرجل أو لأكشفنّ ستر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلوها، فلما أمسوا جاء جبير بن مطعم وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير وأبو الجهم بن حذيفة وعبد الله بن حسل، فحملوه فانتهوا به إلى البقيع، فمنعهم من دفنه ابن بحرة، ويقال: ابن نحرة الساعدي، فانطلق به إلى حش كوكب، وهو بستان بالمدينة، فصلّى عليه جبير ودفنوه وانصرفوا.
وعن عروة بن الزبير قال: منعهم من دفن عثمان بالبقيع أسلم بن أوس بن بحرة الساعدي، فانطلقوا به إلى حش كوكب، فصلى عليه حكيم بن حزام، وأدخل بنو أمية حش كوكب في البقيع.
وعن عثمان بن محمد الأخنسي عن أم حكيمة قالت: كنت مع الأربعة الذين دفنوا عثمان بن عفان: جبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وأبو جهم بن حذيفة، ونيار بن مكرم الأسلمي، وحملوه على باب أسمع قرع رأسه على الباب كأنه دباة، ويقول: دب دب، حتى جاؤوا به حش كوكب فدفن به، ثم هد عليه الجدار وصلّى عليه هناك.
قال: وحش كوكب: موضع في أصل الحائط الذي في شرقي البقيع الذي يقال له خضراء أبان، وهو أبان بن عثمان.
قلت: ولذلك تسمى تلك الناحية إلى اليوم بالحضاري.
وفي طبقات ابن سعد عن مالك بن أبي عامر قال. كان الناس يتوقّون أن يدفنوا موتاهم في حشّ كوكب، فكان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه يقول: يوشك أن يهلك رجل صالح فيدفن هناك فيأتسي الناس به، قال: فكان عثمان أول من دفن به.
وروى ابن شبة عن عبد الله بن فروج قال: كنا مع طلحة فقال لي ولابن أخيه عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله: انطلقا فانظرا ما فعل الرجل، قال: فدخلنا فإذا هو مسجّى بثوب أبيض، فرجعنا إلى طلحة فأخبرناه، فقال: قوموا إلى صاحبكم فواروه، فانطلقنا فجمعنا عليه ثيابه كما يصنع بالشهيد، ثم أخرجناه ليصلي عليه، فقالت المصرية: والله لا يصلّي عليه، فقال أبو الجهم بن حذيفة: والله إن عليكم أن لا تصلوا عليه، قد صلّى الله عليه، فنغزوه ساعة بنعال سيوفهم حتى ظننت أن قد قتلوه، ثم أرادوا دفنه مع نبي الله