زماننا مائتا قنديل وستة وخمسون قنديلا، هذه الدائمة، ونحو المائة قنديل يسرجونها في بعض الأوقات، ويجعلون في كل قنطرة من القناطر التي تلي صحن المسجد من مقدمه وجنبتيه ثلاثة قناديل، ويقتصرون في بعض الأوقات على واحد في كل قنطرة كما في القناطر التي في مؤخر المسجد، سيما إذا قلّ عندهم الزيت، وحدث بعد الحريق الثاني زيادة سلاسل كثيرة معدة لتعليق القناديل بها، وبصحن المسجد أربعة مشاعيل اثنان في جهة القبلة واثنان في جهة الشام، وكل واحد كالأسطوانة، وبأعلاه مسرجة عظيمة تشعل في ليالي الزيارات المشهورة، ولا أدري ابتداء حدوث ذلك، ويزيدون تنانير وبزاقات في مقدم الروضة وما حولها، ويحتفلون بذلك سيما في ليلة سبع وعشرين من رمضان، ويسرجون في كل ليلة منه نحو أربعين شمعة، ويضعونها على شمعدانات كبار في قبلة الروضة والحجرة، وفي غربي المنبر، وبعضها في محراب الحنفية الآتي ذكره.
وللمسجد فوانيس عدتها ستة، يطوف بها الخدام بعد صلاة العشاء الآخرة لإخراج الناس من المسجد عند غلق أبوابه، ولا يدعون به إلا الخدام ومن له نوبة من أرباب وظائفه.
وذكر البدر بن فرحون في ترجمته شبل الدولة كافورا المظفري شيخ الخدام المعروف بالحريري أن من آثاره الحسنة تبطيل الطوف بالشعل من جريد النخل وتبديلها بالفوانيس التي يطوفون بها اليوم كل ليلة، وذلك أنهم كانوا قبل الحريري وصدرا من ولايته يأخذ عبيد الخدام وبعض الفراشين شعلا من سعف النخل فيطوفون بها عوض الفوانيس اليوم يجرون بها كأشد ما يكون من الجري، فإذا وصلوا باب النساء خرجوا بها وخبطوا ما بقي معهم منها، وكانت تسود المسجد وتسود بابه أيضا، وفيها من البشاعة ما لا يخفى، فأمر بالفوانيس عوضها رحمه الله تعالى.
[في صحن المسجد نخيل مغروسة]
وبصحن المسجد نخيل مغروسة، ولم أدر ابتداء حدوث ذلك، إلا أن ابن جبير قال في رحلته عند ذكر القبة التي بصحن المسجد ما لفظه: وبإزائها في الصحن خمس عشرة نخلة، انتهى.
وقال البدر ابن فرحون: إن أول من أدرك من مشايخ الخدام الشيخ عزيز الدولة، قال: وفي أيامه غرس كثير من هذا النخل الذي بالمسجد اليوم، وكان منه شيء قبل العزيزي، ومات أكثره، انتهى.
وذكر المجد عزيز الدولة وقال: إن غرس أكثر هذا النخل كان في زمانه، ثم قال:
وكأنه لم يتعرض أحد لإنكار هذه البدعة إجلالا لشأنه، أو خوفا من لسانه، أو تمكينا له من