العباس: يا رسول الله اترك لي قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج، فقال: ما أمرت بشيء من ذلك، فسدها كلها غير باب علي، قال: وربما مر وهو جنب.
وأسند ابن زبالة ويحيى من طريقه عن عمرو بن سهل أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بسد الأبواب الشوارع في المسجد، قال له رجل من أصحابه: يا رسول الله دع لي كوة أنظر إليك منها حين تغدو وحين تروح، فقال: لا والله ولا مثل ثقب الإبرة.
قلت: وقد اقتضى ذلك المنع من الخوخة أيضا، بل ومما دونها، عند الأمر بسد الأبواب أولا، فإن صح ذلك فيحمل الإذن بعده في اتخاذ الخوخ، ثم كانت قصة أبي بكر بعد ذلك.
وفي طبقات ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن الواقفي عن صالح ابن حسان عن أبي البداح بن عاصم بن عدي قال: قال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله ما بالك فتحت أبواب رجال في المسجد، وما بالك سددت أبواب رجال في المسجد؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا عباس ما فتحت عن أمري ولا سددت عن أمري، والله أعلم.
[الفصل الثاني عشر في زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد]
سيأتي في الفصل الرابع عشر من رواية البخاري وأبي داود عن ابن عمر أن أبا بكر رضي الله عنه لم يزد في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا، وزاد فيه عمر، وسيأتي في رواية لأبي داود أن سواري المسجد نخرت في خلافة أبي بكر، فبناها بجذوع النخل، وهو لا ينافي رواية أنه لم يزد فيه، وقال أهل السير: لم يزد أبو بكر في المسجد شيئا لأنه اشتغل بالفتح، فلما ولي عمر قال: إني أريد أن أزيد في المسجد، ولولا أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«ينبغي أن يزاد المسجد» ما زدت فيه شيئا.
وفي تاريخ اليافعي أن زيادته فيه كانت في سنة سبع عشرة، وذكر غيره أنه زاد في هذه السنة في المسجد الحرام، ولم يتعرض لتاريخ زيادته في مسجد المدينة.
وأسند ابن زبالة عن أنس قال: لما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وولي أبو بكر لم يحول المسجد، فلما ولي عمر جعل أساطينه من لبن، ونزع الخشب، ومده في القبلة، وكان حد جدار عمر من القبلة، على أول أساطين القبلة التي إليها المقصورة: أي التي كانت بين صف الأساطين التي تلي القبلة على الرواق القبلي.
والذي في صحيح البخاري وسنن أبي داود كما سيأتي أن عمر رضي الله عنه زاد في المسجد، وبناه على بنائه في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باللّبن والجريد، وأعاد عمده خشبا، وهذا