وروى يحيى عن عثمان بن محمد بن الأخنس قال: زار رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة- وهي أم بشر من بني سلمة- في بني سلمة، فصنعت له طعاما، قالت أم بشر: فهم يأكلون من ذلك الطعام إلى أن سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأرواح، فذكر حديثها في أرواح المؤمنين والكافرين، ثم قال: فجاءت الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في مسجد القبلتين الظهر، فلما أن صلى ركعتين أمر أن يوجه إلى الكعبة، فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة واستقبل الميزاب؛ فهي القبلة التي قال الله تعالى «فلنولينك قبلة ترضاها» فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين.
وفي رواية له: فلما صلى ركعتين أمر أن يولي وجهه إلى الكعبة، فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة والمسجد مسجد القبلتين، وكان الظهر يومئذ أربعا منها اثنتان إلى بيت المقدس وثنتان إلى الكعبة.
قلت: وهذا ما أشار إليه ابن سعد بقوله: ويقال إنه صلى الله عليه وسلم زار أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة، فصنعت له طعاما وحانت الظهر، فصلى بأصحابه ركعتين، ثم أمر أن يوجّه إلى الكعبة، فاستداروا إلى الكعبة، فسمي المسجد مسجد القبلتين.
وتقدم ما قاله الزمخشري من صرف القبلة في هذا المسجد في صلاة الظهر، وإنه صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم تحول في الصلاة وحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال.
وروى ابن زبالة عن محمد بن جابر قال: صرفت القبلة ونفر من بني سلمة يصلون الظهر في المسجد الذي يقال له مسجد القبلتين، فأتاهم آت فأخبرهم وقد صلوا ركعتين فاستداروا حتى جعلوا وجوههم إلى الكعبة، فبذلك سمّي مسجد القبلتين.
قال المجد: فعلى هذا كان مسجد قباء أولى بهذه التسمية؛ لما ثبت في الصحيحين من وقوع نحو ذلك به.
وقد أطنب المجد هنا فيما جاء في تخليق القبلة لتوهمه أن مسجد القبلتين هو المراد، وذلك وهم لما أسلفناه، وهذا المسجد- كما قال المطري- بعيد من مساجد الفتح من جهة المغرب على رابية على شفير وادي العقيق، يعني العقيق الصغير.
قلت: وهو مرتفع عن شفير وادي العقيق كثيرا، وكأنه أراد بذلك بيان مناسبة ما ادّعاه من تسمية موضعه بالقاع، وقد جدد سقف هذا المسجد وأصلحه الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدامين عام ثلاث وتسعين وثمانمائة، والله أعلم.
[مسجد السقيا]
ومنها: مسجد السقيا، سقيا سعد الآتي ذكرها في الآبار، في شامي البئر المذكورة