للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلبة ثعلبة لجرهم، وثعلبة أبو الأوس والخزرج، وولدت له أيضا حارثة والد خزاعة على ما سيأتي، وقيل: غير ذلك، وولدت له أيضا جفنة والد غسان، سموا باسم ماء نزلوا عليه يقال له: غسان، والأشهر أنهم بنو مازن بن الأزد بن الغوث، وولدت له أيضا وداعة، وأبا حارثة، والحارث، وعوفا، وكعبا، ومالكا، وعمران، هؤلاء أعقبوا كلهم، والثلاثة الباقون لم يعقبوا.

[غسان]

وقال ابن حزم: إن غسان هم بنو الحارث وجفنة ومالك وكعب بني عمرو مزيقياء، شربوا كلهم من ماء غسان، بخلاف بقية ولد عمرو مزيقياء فلم يشربوا من ذلك الماء، فليسوا غسان، وكان لعمرو بن عامر بمأرب من القصور والأموال ما لم يكن لأحد.

[أول خبر سيل العرم]

ونقل رزين أنه كان أول شيء وقع بمأرب من أمر سيل العرم أن عمران بن عامر رأى في كهانته أن قومه سيمزقون ويباعد بين أسفارهم، وأن بلادهم ستخرب، فذكر ذلك لأخيه عمرو بن عامر؛ فكان بين التصديق والتكذيب، فبينا طريفة امرأته ذات يوم نائمة إذ رأت فيما يرى النائم أن سحابة غشيت أرضهم فأرعدت وأبرقت، فذعرت ذعرا شديدا، فسكّنوها، فقالت: يا عمرو بن عامر، الذي رأيت في الغيم، أذهب عني النوم، رأيت غيما أرعد وأبرق، طويلا ثم أصعق، فما وقع على شيء إلا احترق؛ فما بعده إلا الفرق «١» ، فلما رأوا ما بها خفضوها «٢» حتى سكنت، ثم إن عمرو بن عامر دخل حديقة ومعه جاريتان له، فبلغ ذلك طريفة خرجت نحوه، فلما خرجت من بيتها عارضها ثلاث مناجذ- وهي دواب تشبه اليرابيع- منتصبات على أرجلهن واضعات أيديهن على أعينهن، فلما رأتهن طريفة وضعت يدها على عينها وقعدت على الأرض، فلما ذهبت المناجذ خرجت مسرعة، فلما عارضها خليج الحديقة التي فيها عمرو وثبت من الماء سلحفاة فوقعت في الطريق على ظهرها، وجعلت تروم «٣» الانقلاب وتستعين بيدها فلا تستطيع، فتحذف التراب على نفسها، وتقذف بالبول من تحتها، فلما رأت طريفة ذلك جلست على الأرض حتى عادت السلحفاة إلى الماء، ثم مضت طريفة حتى دخلت الحديقة التي فيها عمرو بن عامر حين انتصف النهار في ساعة شديد حرها، وإذا الشجرة من غير ريح تتكفأ،


(١) الفرق: الجزع وشدة الخوف.
(٢) خفضوها: سكّنوا قلبها وهدّؤوا روعها.
(٣) رام الشيء- روما ومراما: طلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>