منهما شيء يسير، فقلع متولي العمارة التي أدركناها ذلك وما حوله، وجعله طرازا باسم سلطاننا الأشرف قايتباي أعز الله أنصاره، ووصله ببقية العصابة المذكورة. وتقدم أيضا ذكر الطراز الآخر من جهة السقف إلى قرب العصابة المذكورة، وبيان أن الذي ترجح عندي أنه جعل لتمييز المسجد النبوي عما زيد فيه، وقد زال ذلك كله بعد الحريق الثاني، وأعادوا منه ترخيم جدار القبلة كما سبق.
[عدد أساطين المسجد]
وأما عدد الأساطين فذكر ابن زبالة أنها مائتان وستة وتسعون أسطوانا، منها في جدار القبر الشريف ستة. وذكر ابن النجار أيضا ما يؤخذ منه ذلك.
وقال ابن جبير: عدتها مائتان وتسعون أسطوانا، ولا مخالفة بينهما؛ لأن ابن جبير لم يعتبر الأساطين الست التي في جدار القبر الشريف، وليس فيه خلل إلا بأسطوان واحد؛ لأن الذي اقتضاه تحريرنا أن جملة الأساطين التي كانت في ذلك الزمان بما في جدار القبر مائتان وخمسة وتسعون أسطوانا؛ لأن المسقف الغربي أربعة صفوف، فإذا اعتبرتها من الجدار القبلي إلى الجدار الشامي كان كل صف ثمانية وعشرين أسطوانا، فجملة هذا المسقف مائة أسطوان واثنا عشر أسطوانا، والمسقف الشرقي ثلاثة صفوف كل صف منها ثمانية وعشرون أيضا إلا الصف الأوسط فإنه ينقص أسطوانا كما ظهر لنا عند انكشاف الحجرة؛ لأن الأسطوانة الملصقة إلى جدار الحجرة الشامي الذي في جوف الجدار الظاهر التي تقدم أن متولي العمارة أدخلها في عرض ذلك الجدار في الصف المذكور إنما يقابلها فيه الأسطوان الداخل بعضها في الجدار الظاهر من جهة القبلة، وكان مقتضى وضع الأساطين في مقابلة بعضها بعضا من كل جانب أن تكون بينها أسطوانة أخرى في موازاة الأسطوانة التي بين مربعة القبر وأسطوان الصندوق الداخلة في الجدار الظاهر، لكن لم يتأتّ ذلك؛ لكونها تكون حينئذ في جوف الحجرة الشريفة، فسقط بسبب ذلك في هذا الصف أسطوان، وخفي ذلك على من لم يشاهد الحجرة الشريفة. وحينئذ فجملة أساطين المسقف الشرقي من جدار القبلة إلى الجدار الشامي ثلاثة وثمانون أسطوانا، والباقي بعد ذلك في المسقف القبلي ما يوازي صحن المسجد فقط، وهو خمسة صفوف كل صف عشرة أساطين فجملة ذلك خمسون أسطوانا، والباقي أيضا في المسقف الشامي خمسة صفوف تقابل ذلك وجملتها خمسون أسطوانا، فجملة أساطين المسجد بما دخل في جدار القبر مائتان وخمسة وتسعون أسطوانا- بتقديم التاء- وفي مؤخر المسقف الغربي أسطوانتان ملتصقتان إلى الجدار الغربي لم تدخلا في هذه العدة.
وأما عدد أساطين المسجد اليوم فقد تقدم أنه زيد في المسقف القبلي من ناحية صحن