للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد رواقان ونقص من المسقف الشامي من ناحية الصحن رواق، فيزيد على ما تقدم عشرة أساطين، وذلك خارج عن الأساطين التي أحدثت لأجل السقف البارز في رحبة المسجد أمام الباب الشامي من المقصورة المستديرة على الحجرة الشريفة.

وحدث في العمارة المتجددة بعد الحريق إسقاط أسطوان كانت بين الأسطوان التي إليها المصلّى النبوي وبين المحراب العثماني، وضم بعض أساطين أخرى إلى الأساطين التي هناك، وفيما حول الحجرة الشريفة، وإبدال بعضها بدعائم على ما سبقت الإشارة إليه في الفصل التاسع والعشرين مع ما حدث من التغيير في أساطين المسقف القبلي، وكانت أساطين المسجد كلها- كما قال ابن جبير في وصفها- أعمدة متصلة بالسمك دون قسي ينعطف عليها، فكأنها دعائم قوائم، وهي من حجر منحوت قطعا ململمة مثقبة، يوضع أنثى في ذكر، أي بأعمدة الحديد، ويفرغ بينها الرصاص إلى أن يتصل عمودا قائما، ويكسى بغلالة جيار، ويبالغ في صقلها ودلكها، فتظهر كأنها رخام أبيض.

قلت: وأراد بالقسي ما نسميه اليوم بالقناطر المعقودة حول صحن المسجد، وأما الأساطين الداخلة في الأروقة فإنها متصلة بالسقف، سوى الرواقين اللذين يليان رحبة المسجد من المسقف القبلي، ثم جعل المسقف القبلي كنسبتهما بعد العمارة المتجددة بعد الحريق الثاني كما سبق.

وقد عبر ابن النجار- تبعا لمن قبله- عن تلك العقود بالطاقات، فقال: وأما طاقاته أي المحيطة بالصحن ففي القبلة إحدى عشرة طاقة، وفي الشامي مثلها، وفي المشرق والمغرب- أي كل جانب منهما- تسع عشر طاقة، وبين كل طاق وطاق أسطوان، ورأس الطاقات مسدود بشبابيك من خشب.

قلت: وهو موافق لكلام ابن زبالة فيما يلي المشرق والمغرب، مخالف له فيما يلي القبلة والشام؛ فإنه قال: وعدد طاقاته مما يلي القبلة اثنتا عشرة طاقة، ومما يلي الشام اثنتا عشرة، ومما يلي المشرق تسع عشرة، ومما يلي المغرب تسع عشرة، فذلك اثنتان وستون طاقة، انتهى.

وهذا لا يتم إلا على تقدير أن يكون المسقف الغربي ثلاثة أروقة فقط كالمسقف الشرقي، فتكون العقود التي تلي القبلة والشام اثني عشر، وما تقدم في عدد الأساطين ينافيه؛ فالصواب ما ذكره ابن النجار.

وعدد قناطره المحيطة برحبته اليوم من جهة القبلة والشام موافق لما ذكره ابن النجار؛ فإنها من كل جانب إحدى عشرة، غير أن باب المقصورة الشامي وما أحدث له من السقف أمامه سد واحدة من تلك القناطر القبلية.

وأما عدد قناطره من المشرق والمغرب فقد نقصت واحدة من كل جهة؛ لما تقدم من

<<  <  ج: ص:  >  >>