وأخرج أبو داود والنسائي واللفظ له عن عبد الرحمن بن طارق عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاز مكانا من دار يعلي استقبل القبلة ودعا، ولم أعرف جهة دار يعلي.
[دار أم سليم]
وفي صحيح البخاري عن ثمامة عن أنس أن أمّ سليم كانت تبسط لنبي الله صلى الله عليه وسلم نطعا فيقيل عندها على ذلك النّطع، قال فإذا قام صلى الله عليه وسلم أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثم جمعته في سك، وقال: فلما حضرت أنس بن مالك الوفاة أوصى أن يجعل في حنوطه من ذلك السك، قال: فجعل في حنوطه.
وفيه أيضا حديث أنس في تكثير الطعام، ولفظه: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم، فأخرجت أقراصا من شعير، ثم أخرجت خمارا لها فلفّت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي، ولاثتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذهبت به فوجدته في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلك أبو طلحة؟ فقلت: نعم، فقال لمن معه: قوموا، فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئنا إلى أبي طلحة، فأخبرته، قال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا من نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل وأبو طلحة معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلمي يا أم سليم ما عندك، فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتّ وعصرت أم سليم عكّة فأدمته، ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول، ثم قال: ائذن لعشرة، الحديث، وفي آخره: فأكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلا.
قلت: وأم سليم والدة أنس وزوجة أبي طلحة، فذلك إما في دار أنس وإما في دار أبي طلحة، وكلاهما بجهة بني جديلة.
[دار أم حرام]
وفي الصحيح من حديث أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت تحت عبادة بن الصامت، فدخل يوما فأطعمته، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ يضحك، الحديث.
قلت: أم حرام هي خالة أنس أخت أم سليم المتقدم ذكرها، وزوجها عبادة بن الصامت، كان ببني سالم؛ لأنه من بني نوفل إخوة بني سالم، ويدل لذلك قوله «إذا ذهب إلى قباء» فإن بني سالم بطريق قباء، فيندفع ما توهمه بعضهم من أن دار أم سليم وأم حرام واحدة لكونهما أختين، والله أعلم.