وبنى قصيرا بالعقيق ملعنا ... لا بالكريم ولا جميل المدخل
ودعا المهندس فاختفى في جوفه ... بئرا فأنبطها كطعم الحنظل
[قصر عنبسة بن سعيد بن العاص]
قصر عنبسة بن سعيد بن العاص: بالعقيق الصغير- ركب هشام بن عبد الملك ومعه عنبسة بن سعيد، فمر بموضع قصر عنبسة، فقال: نعم موضع القصر يا أبا خالد، قد أقطعته لك، قال: يا أمير المؤمنين من يقوى على هذا؟ قال: فإني أعينك فيه بعشرين ألف دينار، فدفعها عنبسة إلى ابنه عبد الله وقال: إنك أنزلت بين الأشياخ، فانظر كيف تبني؟
وكان أول من قارب بين القصور، ونزل إلى جنب عبد الله بن عامر، فلما فرغ من القصر بنى ضفائره بالآجر المطبق، فقال له عنبسة: أما علمت أن متنزهي أهل المدينة يدقون عليه العظام، ابنه بالحجارة المطابقة، ففعل، وبعث إليه هشام بأربعين بختيا، فكان ينضح عليها في مزارعه وصهريجه.
قلت: ولعل الموضع المعروف اليوم بالعنابس مزارع عنبسة هذا.
وعن بعض ولد عنبسة قال: بينا عبد الله بن عنبسة نائم في قاعة القصر، وعنده خصي يذبّ عنه، وكان له غلام صغدي يسقيهم الماء، فدخل فرآه نائما، فنزع القربة وشد عليه بخنجر كان معه، وثار الخصي يحول بينهما، فقتل الخصي، وانتبه عبد الله واتقاه بوسادة، وتداعى عليه أهل القصر وأخذوه، وأمر به عبد الله فقتل وصلب بفناء القصر.
وكان قصر عنبسة فيما أخذ من أموال بني أمية، ثم رد على ابن عنبسة.
وكان جعفر بن سليمان إذ كان واليا بالمدينة نزله، وابتنى إليه أرباضا، وأسكنها حشمه، ثم تحول منه إلى العرصة فابتنى بها وسكنها حتى عزل فخرج منها، ولذلك يقول ابن المزكي:
أوحشت الجماء من جعفر ... وطالما كانت به تعمر
كم صارخ يدعو وذي كربة ... يا جعفر الخيرات يا جعفر
أنت الذي أحييت بذل الندى ... وكان قد مات فلا يذكر
ثم لعباس وصيّ الهدى ... ومن به في المحل يستمطر
وقال شاعر:
إني مررت على العقيق وأهله ... يشكون من مطر الربيع نزورا
ما ضركم أن كان جعفر جاركم ... أن لا يكون عقيقكم ممطورا
وقال محمد بن الضحاك: خرج أبي وابن عبد الله بن عنبسة في جماعة من لمتهم إلى قصر عنبسة بالعقيق الصغير، وخرج بي أبي معهم وأنا حدث السن، ونحروا جزورا،