للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطرف الثاني: فيما جاء من أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بالمصلى على غير منبر مستقبلا للناس.]

[كيف صلى الرسول العيد؟]

قال البخاري في صحيحه، باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، ثم روى فيه حديث أبي سعيد الخدري قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف، فقال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، وإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذته بثوبه، فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة فقلت له: غيرتم والله، فقال:

أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة، هذا لفظ رواية البخاري.

قال الحافظ ابن حجر: المراد بقوله إلى المصلى المصلى المعروف بالمدينة بينه وبين باب المسجد ألف ذراع، قاله عمر بن شبة عن أبي غسان صاحب مالك، وفي رواية ابن حبان من طريق داود: فينصرف إلى الناس قائما في مصلاه.

قلت: وهذا معنى قوله في رواية البخاري «ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس» يعني أنه يستدبر القبلة ويقف في مصلاه، وقد ترجم البخاري لاستقبال الإمام الناس في خطبة العيد، وأورد فيه طرفا من حديث أبي سعيد المذكور، وقد صرح الأئمة بأن ذلك هو السنة.

قال الزين ابن المنير: وإنما أعاد البخاري هذه الترجمة مع أنه قدم نظيرها في الجمعة لدفع احتمال توهم أن العيد يخالف الجمعة في ذلك، وأن استقبال الإمام في الجمعة يكون ضروريا لكونه يخطب على منبر، بخلاف العيد فإنه يخطب فيه على رجليه لحديث أبي سعيد المذكور، فأراد أن يبين أن الاستقبال سنّة على كل حال.

[من أحدث منبر المصلى العيد]

قال الحافظ ابن حجر: وهذا يقتضي أنه لم يكن في المصلّى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم منبر إلى أن اتخذ لمروان، ويدل عليه قول أبي سعيد «فلم يزل الناس إلى آخره» . ووقع في المدونة لمالك، ورواه ابن شبة عنه قال: أول من خطب الناس في المصلى على منبر عثمان بن عفان، كلمهم على منبر من طين بناه كثير بن الصلت، وهذا معضل، وما في الصحيحين أصح؛ فقد رواه مسلم بنحو رواية البخاري، ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك مرة ثم تركه حتى أعاده مروان، ولم يطلع على ذلك أبو سعيد، انتهى.

قلت: لكن روى أبو داود وغيره في حديث ذكر أنه غريب وأن سنده جيد عن عائشة

<<  <  ج: ص:  >  >>