تعالى: صدقت يا آدم إنه لأحبّ الخلق إليّ، إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك» رواه الطبراني وزاد «وهو آخر الأنبياء من ذريتك» .
قال السبكي: وإذا جاز السؤال بالأعمال كما في حديث الغاز الصحيح وهي مخلوقة فالسؤال بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أولى، وفي العادة أن من له عند شخص قدر فتوسل به إليه في غيبته فإنه يجيب إكراما للمتوسّل به، وقد يكون ذكر المحبوب أو المعظم سببا للإجابة، ولا فرق في هذا بين التعبير بالتوسل أو الاستغاثة أو التشفع أو التوجه، ومعناه التوجه به في الحاجة، وقد يتوسل بمن له جاء إلى من هو أعلى منه.
[الحال الثاني:]
التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد خلقه في مدة حياته في الدنيا. منه ما رواه جماعة منهم النسائي والترمذي في الدعوات من جامعه عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، اللهم شفعه فيّ. قال الترمذي. حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وصححه البيهقي، وزاد: فقام وقد أبصر، وفي رواية: ففعل الرجل فبرأ.
[الحال الثالث:]
التوسل به صلى الله تعالى عليه وسلم بعد وفاته، روى الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف المتقدم أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في حاجة له، وكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي ابن حنيف فشكا إليه ذلك، فقال له ابن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن تقضي حاجتي، وتذكر حاجتك، فانطلق الرجل فصنع ما قال، ثم أتى باب عثمان، فجاءه البواب حتى أخذ بيده، فأدخل على عثمان رضي الله تعالى عنه، فأجلسه معه على الطّنفسة، فقال: حاجتك، فذكر حاجته وقضاها له ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فاذكرها، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي ابن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته فيّ، فقال ابن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت دعوت أو تصبر، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق عليّ، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه