فسالت عليهم، قال الراوي: فرأيتنا نعشى الإبل على ضوء نارها ضلعا الربذة، وبين ذلك ثلاث ليال، وفي رواية: أن نار الحديان خرجت بحرة النار حتى كانت الإبل تعشى بضوئها مسيرة إحدى عشرة ليلة.
وفي الحديث أن رجلا أتى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فقال عمر: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب، قال: ممن أنت؟ قال: من الحرقة، قال: أين مسكنك؟ قال: حرة النار، قال: بأيها؟ قال: بذات اللظى، فقال عمر:
أدرك الحي لا يحترقوا وفي رواية «فقد احترقوا» قيل: إنه رجع إلى أهله فوجد النار قد أحاطت بهم.
ولها ذكر في شعر النابغة، وسماها أم صبار، وقال أبو المهند الفزازي:
كانت لنا أجبال حسمى فاللوى ... وحرة النار فهذا المستوى
ومن تميم قد لقينا باللوى ... يوم النّسار وسقيناهم روى
[حرة واقم:]
وهي حرة المدينة الشرقية، سميت برجل من العمالقة نزل بها، قاله المجد، وسبق قوله ابن زبالة عقب ذكر واقم أنه أطم بني عبد الأشهل، وبه سميت تلك الناحية واقما، وله يقول شاعرهم:
نحن بنينا واقما بالحرّة ... بلازب الطين وبالأصرّه
وتسمى أيضا حرة بني قريظة؛ لأنهم كانوا بطرفها القبلي، وحرة زهرة؛ لمجاورتها لها كما سيأتي، وكان بها مقتلة الحرة كما سبق، وتقدم حديث «يقتل بحرة زهرة خيار أمتي» وفي رواية «فلما وقفت بحرة زهرة وقف واسترجع» .
وفي كتاب الحرة عن عبد الله بن سلام أنه وقف بحرة زهرة زمن معاوية، فقال:
هاهنا أجد صفة في كتاب يهوذا الذي لم يغير ولم يبدّل، مقتلة تقتل في هذه الحرة، قوم يقومون يوم القيامة واضعي سيوفهم على رقابهم حتى يأتوا الرحمن تبارك وتعالى فيقفوا بين يديه فيقولون: قتلنا فيك.
وروى ابن زبالة أن السماء أمطرت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لأصحابه: هل لكم في هذا الماء الحديث العهد بالعرش لنتبرك به، ولنشرب منه، فلو جاء من مجيئه ركب لتمسّحنا به، فخرجوا حتى أتوا حرة واقم وشراجها تطرد، فشربوا منها وتوضؤوا، فقال كعب: أما والله يا أمير المؤمنين لتسيلنّ هذه الشّراج بدماء الناس كما تسيل بهذا الماء، فقال عمر: إيها الآن دعنا من أحاديثك، فدنا منه ابن الزبير فقال: يا أبا إسحاق ومتى ذلك؟ فقال: إياك يا عبيس أن تكون على رجلك أو يدك.