رضي الله تعالى عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى. وفي رواية للترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الاستسقاء حتى أتى المصلى فرقى على المنبر؛ فهذا يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في الاستسقاء بالمصلى على منبر، وكأن ذلك هو المستند لمن أحدث المنبر في خطبة العيد قياسا على الاستسقاء، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم خصّ الاستسقاء بذلك لتيسر رؤيته لعامة الناس فيها، فيقتدون به في تحويل الرداء عند تحويله، وفي كيفية رفع اليدين في الدعاء، ونحو ذلك مما يختص بخطبة الاستسقاء.
قال الحافظ ابن حجر: وقول أبي سعيد «غيرتم والله» صريح في أنه هو المنكر ووقع في رواية مسلم «فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة، قال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه» فيحتمل أن يكون المنكر أبو مسعود الذي وقع في رواية عبد الرزاق أنه كان معهما، ويحتمل أن يكون القصة تعددت، ويدل على ذلك المغايرة بين روايتي عياض ورجاء، ففي رواية عياض أن المنبر بني له بالمصلى، وفي رواية رجاء أن مروان أخرج المنبر معه، ولأن إنكار أبي سعيد كان بينه وبينه، وإنكار الآخر وقع على رؤوس الناس.
وقوله:«إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة» يشعر بأن ذلك باجتهاد من مروان.
[أول من خطب قبل صلاة العيد]
وقد اختلف في أول من خطب قبل الصلاة، فرواية الصحيحين عن أبي سعيد مصرحة بأنه مروان.
وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن الحسن البصري قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم، يعني على العادة، فرأى ناسا لم يدركوا الصلاة، ففعل ذلك، أي صار يخطب قبل الصلاة. وهذه العلة غير التي اعتلّ بها مروان؛ لأن عثمان رضي الله تعالى عته راعى مصلحة الجماعة في إدراكهم للصلاة، وأما مروان فراعى مصلحتهم في استماعهم الخطبة، لكن قيل: إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع خطبته لما فيها من سبّ من لا يستحق السب، والإفراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه. ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانا، بخلاف مروان فواظب عليه فلذلك نسب إليه.
وقد أوردنا بقية كلام الحافظ ابن حجر وغيره من الفوائد المتعلقة بذلك في كتابنا الموسوم «بالوفا، بما يجب لحضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم» وبينا فيه أن الدرج الموجودة التي يقوم عليها الخطيب اليوم ليست في الموضع الذي بني لمروان؛ لأن مروان وإن قدّم الخطبة على الصلاة