صلى الله عليه وسلم صلّى في مسجد بني واقف. قال المطري وتبعه من بعده حتى المجد: مسجد بني واقف موضع بالعوالي، كانت فيه منازل بني واقف من الأوس رهط هلال بن أمية الواقفي أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم في تخلفهم عن غزوة تبوك، ولا يعرف مكان دارهم اليوم، إلا أنها بالعوالي.
قلت: لا دار أعرف من دارهم؛ لما تقدم في المنازل من أنهم نزلوا عند مسجد الفضيخ، وابتنوا أطما كان موضعه في قبلة مسجد الفضيخ، وهذا من فوائد الاعتناء بذكر المنازل، والمطري لم يعتن بها، لكن العجب من المجد فإنه ذكر ما قدمناه في المنازل، ثم قلد المطري عند ذكر المساجد.
[مسجد بني أنيف]
ومنها: مسجد بني أنيف، تصغير أنف حي من بلى، ويقال: إنهم بقية من العماليق كما تقدم في منازل اليهود، وبينا في منازل بني عمرو بن عوف من الأوس أنهم كانوا حلفاء لهم. وروى ابن زبالة عن عاصم بن سويد عن أبيه قال: سمعت مشيخة بني أنيف يقولون: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يعود طلحة بن البراء قريبا من أطمهم، قال عاصم:
قال أبي: فأدركتهم يرشّون ذلك المكان ويتعاهدونه ثم بنوه بعده؛ فهو مسجد بني أنيف بقباء.
قلت: طلحة بن البراء منهم. وقال المتكلمون في أسماء الصحابة: إنه من بلىّ وكان حليفا للأوس، وذلك هو السبب كما قدمناه فيما وقع للمطري ومن تبعه من أن بني أنيف بطن من الأوس، قال: ودارهم بين بني عمرو بن عوف بقباء وبين العصبة.
قلت: المعتمد ما قدمناه، ودارهم بقباء عند المال المعروف اليوم بالقائم في جهة قبلة مسجد قباء من جهة المغرب، وعند بئر عذق كما سبق.
[مسجد دار سعد بن خيثمة]
ومنها: مسجد دار سعد بن خيثمة بقباء ذكر ابن زبالة فيما نقله المطري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في المسجد الذي في دار سعد بن خيثمة رضي الله تعالى عنه بقباء، وجلس فيه، قال المطري: وبيت سعد بن خيثمة أحد الدور التي قبلي مسجد قباء، يدخلها الناس إذا زاروا مسجد قباء ويصلون فيها.
وهناك أيضا دار كلثوم بن الهدم، وفي تلك العرصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلا قبل خروجه إلى المدينة، وكذلك أهله صلى الله عليه وسلم وأهل أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين قدم بهم علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، وهن: سودة، وعائشة وأمّها، وأختها أسماء، وهي حامل بعبد الله بن الزبير، فولدته بقباء قبل نزولهم المدينة، فكان أول مولود ولد من المهاجرين بالمدينة، انتهى.