قلت: وفي قوله «إن عليا قدم ومعه من ذكر» نظر؛ فقد قدمنا أن عليا رضي الله تعالى عنه لحق النبي صلى الله عليه وسلم بقباء، وأنه صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن حارثة وأبا رافع إلى مكة بعد ذلك فقدما عليه بأهله، وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر. وحديث أسماء في ولادتها عبد الله بن الزبير متفق عليه. وفيه أنه كان أول مولود ولد في الإسلام، ففرحوا به؛ لأنه كان قد قيل لهم: إن اليهود سحرتكم فلا يولد لكم. وفيه دلالة على تأخر ولادته عن مقدم النبي صلى الله عليه وسلم بمدة. وقال الذهبي تبعا للواقدي: إن ولد في سنة اثنتين، وقال الحافظ ابن حجر: المعتمد أنه ولد في السنة الأولى؛ للحديث المتفق عليه، وسبق في سني الهجرة عن أبي حاتم ما يوافقه.
وتقدم في ذكر مسجد قباء أن دار سعد بن خيثمة هي التي تلي المسجد في قبلته.
[مسجد التوبة]
ومنها: مسجد التوبة بالعصبة منازل بني جحجبا من بني عمرو بن عوف من الأوس- روى ابن زبالة عن أفلح بن سعد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في مسجد التوبة بالعصبة ببئر هجيم، قال المطري: وليست بمعروفة اليوم، يعني البئر. والعصبة: في غربي مسجد قباء فيها مزارع وآبار كثيرة.
قلت: يستفاد مما ذكرناه في المنازل من أنهم ابتنوا أطما يقال له الهجيم عند المسجد الذي صلّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن بئر هجيم مضافة للأطم المذكور؛ فيطلب المسجد عند ذلك، وما علمت السبب في تسميته بمسجد التوبة.
[مسجد النور]
ومنها: مسجد النور- قال ابن زبالة: حدثنا محمد بن فضالة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في موضع مسجد النور. قال المطري: ولا يعلم اليوم مكانه.
قلت: وما علمت سبب تسميته بذلك، ورأيت الأسدي في منسكه ذكر في المساجد التي تزار في ناحية مسجد قباء مسجد النور، ثم ذكر في المساجد التي تزار بناحية المدينة وما حولها مسجد النور أيضا، ولعل هذا المسجد هو الموضع الذي انتهى إليه أسيد بن حضير وعباد بن بشر، وهما من بني عبد الأشهل، وكانا عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء، فتحدثا عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا أحدهما، فمشيا على ضوئها، فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد منهما عصاه فمشى في ضوئها، كما أخرجه البخاري؛ فيكون المسجد المذكور بدار بني عبد الأشهل.
وروى أحمد برجال الصحيح حديث قتادة بن النعمان الظفري في إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم له العرجون في ليلة مظلمة فأضاء له من بين يديه عشرا ومن خلفه عشرا- الحديث.