قلت: وما ذكره منطبق إما على شعب سلع الذي في شرقيه، فتكون منازلهم بين خط أسلم الذي في شامي ثنية عثعث وبين جبل سلع وهكذا إلى ثنية الوداع، وإما على شعب سلع الذي في شاميه، وقال عروة بن الزبير: قدمت أشجع في سبعمائة يقودهم مسعود بن رخيلة فنزلوا شعبهم، فخرج إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأحمال التمر، فقال: يا معشر أشجع، ما جاء بكم؟ قالوا: يا رسول الله جئناك لقرب ديارنا منك، وكرهنا حربك، وكرهنا حرب قومنا لقلتنا فيهم؛ فأنزل الله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ إلى قوله تعالى: سَبِيلًا [النساء: ٩٠] .
ونقل ابن شبة في تأديب عمر بن الخطاب الرعية في أمر دينهم أن رجلا من أشجع يقال له بقيلة كان غازيا، فبلغه أن جعدة بن عبد الله السلمي يحدث النساء، وأن جواري يخرجن إلى سلع فيحدثهن، ثم يعقل الجارية ويقول: قومي في العقال فإنه لا يصبر على العقال إلا حصان، فتقوم ساعة ثم تسقط، فربما تكشفت، فكتب الأشجعي إلى عمر:
ألا أبلغ أبا حفص رسولا ... فدى لك من أخي ثقة إزاري
فما قلص تقمن معقّلات ... قفا سلع لمختلف النّجار
قلائص من بني سعد بن بكر ... أو اسلم أو جهينة أو غفار
يعقّلهنّ جعدة من سليم ... معيدا يبتغي سقط العذاري
قلائصنا هداك الله إنا ... شغلنا عنهم زمن الحصار
يعقّلهن أبيض شيظميّ ... فبئس معقّل الذود الطّواري
فدعا عمر بجعدة فقال: أنت لعمري كما وصف أبيض شيظمي، وسأله فأقرّ فضربه مائة معقولا، وغرّبه إلى الشام، فكلّم فيه، فأذن له على ألايدخل المدينة، ثم أذن له أن يجمع، ثم أذن له أن يدخل في الجمعة مرتين.
وقال ابن إسحاق: الذي كتب بالشعر رجل من هوازن يدعى خيثمة.
[منازل بني جشم]
ونزلت بنو جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس محلتها التي يقال لها بنو جشم، وهي ما بين الزقاق الذي يقال له زقاق سفين إلى الأساس الذي يقال له أساس إسماعيل بن الوليد إلى خوخة الأعراب إلى دور ذكوان مولى مروان بن الحكم.
قلت: ولم أعرف شيئا مما ذكره، غير أنه ذكر في دور بني جمح أن محمد بن حاطب اتخذ الدار التي تدعى دار قدامة في بني زريق شرقيها الدار التي يقال لها دار الأعراب، فلعل خوخة الأعراب وما ذكر معها في تلك الجهة، والله أعلم.