وفي شامي قبر سيدنا إبراهيم بمشهده صورة قبرين حادثين لم يذكرهما ابن النجار، ولا من تبعه، إنما ذكروا ما قدمناه من كونه إلى جانب عثمان بن مظعون وأن عبد الرحمن بن عوف أوصى أن يدفن هناك، وأنه ينبغي زيارتهما معه.
قلت: وكذا كل من قدمنا ذكر دفنه هناك.
ومنها: مشهد صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم الزبير بن العوام، على يسارك عند ما تخرج من باب البقيع، وهو بناء من حجارة لا قبّة عليه، قال المطري:
وأرادوا عقد قبة صغيرة عليه فلم يتفق ذلك.
ومنها: مشهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وعليه قبة عالية ابتناها أسامة بن سنان الصالحي أحد أمراء السلطان السعيد صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة إحدى وستمائة، قاله المطري، قال الزين المراغي: ونقل أبو شامة أن الباني لها عز الدين سلمة.
قلت: ولم يذكر ابن النجار هذه القبة، مع ذكره لقبة الحسن والعباس وسيدنا إبراهيم وغيرهما مما كان في زمنه، وقد أدرك التاريخ الذي ذكره المطري وبعده بكثير.
وبمشهد سيدنا عثمان قبر خلف قبره يقال: إنه قبر متولي عمارة القبة.
وقد حدث في زماننا أمام المشهد في المغرب بناء مربع عليه قبو فيه امرأة كانت أم ولد لبعض بني الجيعان توفيت بالمدينة الشريفة، وإلى جانبه حظيرة فيها امرأة لبعض الأتراك، وبين هذا البناء وبين المشهد أيضا حظيرة أخرى بها أخت صاحبنا قاضي الحرمين العلامة محيي الدين الحنبلي متع الله به.
ومنها: مشهد فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما بأقصى البقيع، على ما فيه مما تقدم في ذكر قبرها، وينبغي أن يسلم هناك على سعد بن معاذ لما سبق.
[مشهد مالك بن أنس الأصبحي]
ومنها: مشهد الإمام أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي إمام دار الهجرة إذا خرجت من باب البقيع كان مواجها لك عليه قبة صغيرة وإلى جانبه في المشرق والشام قبة لطيفة أيضا، لم يتعرض لذكرها المطري ومن بعده، فيحتمل أن تكون حادثة، ويقال: إن بها نافعا مولى ابن عمر.
وفي كلام ابن جبير عند ذكر المشاهد المعروفة في زمنه ما يؤخذ منه أن بين مشهد سيدنا إبراهيم عليه السلام وبين مشهد مالك تربة عن يمين مشهد سيدنا إبراهيم، وأنها تربة ابن لعمر رضي الله عنه اسمه عبد الرحمن الأوسط، قال: وهو المعروف بأبي شحمة، وهو الذي جلده أبو الحدّ فمرض ومات، وما ذكره ينطبق على القبة المذكورة.