عميس: يا أسماء، إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء إنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها، قالت أسماء: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبها، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله؟ تعرف به المرأة من الرجل، فإذا أنا متّ فاغسليني أنت وعلي، ولا تدخلي عليّ أحدا، فلما توفيت جاءت عائشة تدخل فقالت أسماء: لا تدخلي فشكت إلى أبي بكر قالت: إن هذه الحثعمية تحول بيننا وبين بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعلت لها مثل هودج العروس فجاء أبو بكر فوقف على الباب فقال: يا أسماء، ما حملك على أن منعت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن على بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت: أمرتني أن لا يدخل عليها أحد، وأريتها هذا الذي صنعت وهي حية فأمرتني أن أصنع ذلك لها، قال أبو بكر: فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف، وغسلها علي وأسماء رضي الله تعالى عنهما.
وقد خرّج الدولابي معنى ذلك مختصرا، وفيه أنها لما أرتها النعش تبسمت، وما رؤيت متبسمة- يعني بعد النبي صلى الله عليه وسلم- إلا يومئذ.
وخرج أيضا أن الوصية كانت إلى عليّ بأن يغسلها هو وأسماء، ويجوز أن تكون أوصت إلى كل منهما.
قال ابن عبد البر: فاطمة أول من غطى نعشها من النساء في الإسلام على الصفة المذكورة في الخبر المتقدم، ثم بعدها زينب بنت جحش صنع بها ذلك. وتوفيت فاطمة يوم الثلاثاء لثلاث خلت من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، وكانت أشارت على زوجها أن يدفنها ليلا.
قلت: لعلها أرادت بذلك المبالغة في التستر، وهو السبب في عدم إعلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه. ويتأيد بذلك رواية دفنها بالبقيع، وهو مقتضى صنيع ابن زبالة في إيراد الروايات الدالة على ذلك.
[قبر بعض أبناء الإمام علي بن أبي طالب]
وقال المسعودي في مروج الذهب: إن أبا عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم توفي سنة ثمان وأربعين ومائة، ودفن بالبقيع مع أبيه وجده، قال: وعلى قبورهم في هذا الموضع من البقيع رخامة عليها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله مبيد الأمم، ومحيي الرمم، هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين، وقبر الحسن بن علي، وعلي بن الحسين بن علي، وقبر محمد بن علي، وجعفر بن محمد، عليهم السلام، انتهى. وذكر ما يقتضي أنه حين ذكر هذا كان في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.