للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي من رواية ابن عبد البر ما يؤيده.

وروى ابن شبة عن سلمى زوج أبي رافع قالت: اشتكت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبحت يوما كأمثل ما كانت تكون، وخرج علي فقالت: يا أمتاه اسبكي لي غسلا، ثم قامت فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ثم قالت: هات ثيابي الجدد، فأعطتها إياها، فلبستها ثم جاءت إلى البيت الذي كانت فيه فقالت: قدّمي الفراش إلى وسط البيت، فقدّمته فاضطجعت واستقبلت القبلة ووضعت يدها تحت خدها ثم قالت: يا أمتاه إني مقبوضة الآن، وإني قد اغتسلت فلا يكشفني أحد، قال: فقبضت مكانها، وجاء عليّ فأخبرته فقال:

لا جرم والله لا يكشفها أحد، فحملها بغسلها ذلك فدفنها.

ثم روى ابن شبة عقبه عن أسماء بنت عميس قالت: غسلت أنا وعلي ابن أبي طالب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى البيهقي بإسناد حسن عن أسماء بنت عميس أن فاطمة أوصت أن تغسلها هي وعلي، فغسلاها.

ثم تعقبه بأن هذا فيه نظر؛ لأن أسماء في هذا الوقت كانت عند أبي بكر الصديق، وقد ثبت أن أبا بكر لم يعلم بوفاة فاطمة؛ لما في الصحيح أن عليا دفنها ليلا، ولم يعلم أبا بكر، فكيف يمكن أن تغسلها زوجته وهو لا يعلم؟

وأجاب في الخلافيات باحتمال أن أبا بكر علم بذلك، وأحبّ أن لا يرد غرض علي في كتمانه منه، قال الحافظ ابن حجر: ويمكن أن يجمع بأن أبا بكر علم بذلك وظن أن عليا سيدعوه لحضور دفنها ليلا، وظن علي أنه يحضر من غير استدعاء منه.

وقد احتج بحديث بنت عميس هذا أحمد وابن المنذر، وفي جزمهما بذلك دليل على صحته عندهما فيبطل ما روى أنها غسلت نفسها وأوصت أن لا يعاد غسلها.

وقد رواه أحمد، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وأفحش القول في ابن إسحاق راويه.

وتولى ردّ ذلك عليه ابن عبد الهادي في التنقيح.

قلت: وعلى كل تقدير فحديث بنت عميس أرجح؛ للأدلة الدالة على وجوب غسل الميت مطلقا، وليس في حديث الصحيح أن أبا بكر ما علم بوفاة فاطمة، بل أن عليا دفنها ولم يعلمه.

وقد روى ابن عبد البر خبر أسماء بأتمّ من ذلك، وفيه علم أبي بكر بموتها، وذلك من طريق عون بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر.

وعن عمارة بن المهاجر عن أم جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لأسماء بنت

<<  <  ج: ص:  >  >>