ورواه يحيى بلفظ: عمل من أثل، يعني المنبر، وكنت ممن حمل درجته هذه، ثم ذكر حنين الجذع، وفي رواية للبخاري في كتاب الهبة «فجاؤا به- يعني المنبر- فاحتمله النبي صلّى الله عليه وسلّم، فوضعه حيث ترون» .
وقال الحافظ ابن حجر: صحف بعض الرواة قوله إلى فلانة امرأة من الأنصار فقال إلى علاثة (بالعين المهملة والمثلاثة) وهو خطأ، والمرأة لا يعرف اسمها، ونقل ابن التين عن مالك أن النجار كان مولى لسعد بن عبادة؛ فيحتمل أنه كان في الأصل مولى امرأته، ونسب إليه مجازا، واسم امرأته فكيهة بنت عبيد بن دليم، وهي ابنة عمه؛ فيحتمل أن تكون هي المرأة، لكن رواه ابن راهواه عن ابن عيينة وقال: مولى لبني بياضة، ووقع عند الكرماني قيل:
اسمها عائشة، وأظنه صحّف المصحف، ثم وجدت في الأوسط للطبراني من حديث جابر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي إلى سارية في المسجد، ويخطب إليها، ويعتمد عليها، فأمرت عائشة، فصنعت له منبره هذا، فذكر الحديث، وإسناده ضعيف، ولو صح لما دل على أن عائشة هي المرادة في حديث سهل هذا إلا بتعسف، والله أعلم.
وأسند ابن سعد في الطبقات من حديث أبي هريرة، ورجاله ثقات إلا الواقدي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يخطب وهو مستند إلى جذع، فقال: إن القيام قد شق علي، فقال تميم الداري: ألا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام؟ فشاور النبي صلّى الله عليه وسلّم المسلمين في ذلك، فرأوا أن يتخذه، فقال العباس بن عبد المطلب: إن لي غلاما يقال له كلاب أعمل الناس، فقال: مره أن يعمل» الحديث.
[موضع الجذع]
وأسند يحيى منقطعا عن ابن أبي الزناد وغيره أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يخطب يوم الجمعة إلى جذع في المسجد كان موضعه عند الأسطوانة المخلّقة التي تلي القبر التي عن يسار الأسطوانة المخلّقة التي كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي عندها التي هي عند الصندوق، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
إن القيام قد شق علي، وشكا صلّى الله عليه وسلّم ضعفا في رجليه، قالوا: فقال تميم الداري- وكان رجلا من لخم من أهل فلسطين- يا رسول الله أنا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام، قالوا: فلما أجمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وذو الرأي من أصحابه على اتخاذه قال العباس بن عبد المطلب: إن لي غلاما يقال له كلاب أعمل الناس، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: مره يعمل، فأرسله إلى أثلة بالغابة فقطعها ثم عملها درجتين ومجلسا، ثم جاء بالمنبر فوضعه في موضعه اليوم، ثم راح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الجمعة، فلما جاوز الجذع يريد المنبر حن الجذع ثلاث مرات كأنه خوار بقرة، حتى ارتاع الناس، وقام بعضهم على رجليه، فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى مسه بيده، فسكن، فما سمع له صوت بعد ذلك، ثم رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المنبر فقام عليه،