زبالة ولا ابن شبة، غير أنه كان شخص شرع في عمارة الميضأة التي بباب السلام المتقدم ذكرها في دار مروان فوجد سربا تحت الأرض مقبوا عند ركنها القبلي مما يلي المغرب، وعنده باب الخربة المعروفة بدار الخرازين، وشرعوا في عمارتها- أي دار الخرازين- بدلا من رباط الحصن العتيق. وقد دخلتها قبل هدمها، فرأيت فيها صناعات غريبة في البناء من صناعات الأقدمين، فترجّح عندي بقرينة وجود السرب عندها ووجود ذلك بها أنها المرادة بدار التماثيل، والله أعلم.
[دار عامر بن الزبير بن العوام]
ثم إلى جنب دار فرج الخصي دار عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، وكان ابن هشام- حين بنى داره- أخذ بعض حق عامر، فقال له عامر: فأين طريقي؟ قال: في النار، قال عامر: تلك طريق الظالمين.
قلت: وموضعها اليوم البيت الموقوف الذي بيد الخدام، وهو عن يسار الخارج من خوخة آل عمر، ويسمونه اليوم بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم.
ثم ترجع إلى دار عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه من حيث ابتدأت.
قلت: وذكر ابن شبة في دور بني هاشم أن حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه اتخذ الدار التي صارت لآل فرافصة الحنفيين ولآل وردان دبر زقاق عاصم بن عمر، اه.
وقد تقدم في ذكر سدّ الأبواب إلا ما استثنى ما يقتضي أن حمزة رضي الله تعالى عنه كان له طريق إلى المسجد، وتقدم بيان زقاق عاصم؛ فتحصل من ذلك أن دار حمزة رضي الله تعالى عنه كانت في قبلة المسجد، وهي غير معلومة المحل، والله أعلم.
[الفصل الخامس والثلاثون في البلاط، وبيان ما ظهر لنا مما كان حوله من منازل المهاجرين]
[تحديد مكان البلاط]
وقد بوّب البخاري في صحيحه لمن عقل بعيره على البلاط أو باب المسجد، وأورد فيه حديث جابر قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسجد، فدخلت إليه، وعقلت الجمل في ناحية البلاط، وبوب أيضا للرجم بالبلاط، وأورد فيه حديث اليهوديين اللذين زنيا، قال ابن عمر: فرجما عند البلاط. وفي رواية لابن عمر: فرجما قريبا من موضع الجنائز.
وعند أحمد والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برجم اليهوديين عند باب المسجد.
وفي الحديث أن عثمان رضي الله تعالى عنه أتى بماء فتوضأ بالبلاط.
وهذا كله مقتض لأن البلاط كان قديما قبل ولاية معاوية رضي الله عنه.